معجم المصطلحات الكبير
كمال الدِّين بِهْزاد
الفنّ

أشهر رسّامي المنمنمات الفُرْس في عصره، وضع رسوما لكثير من المخطوطات الفارسية أشهرها تيمور نامه وبستان سعدي وخمسة نظامي. وُلد في بهزاد بهراة (أفغانستان اليوم) سنة 854، ففي ذلك الوقت بدأ في هراة عهد جديد في التصوير الفارسي، بفضل عناية السلطان حسين ميرزا بيقرا، ووزيره الشاعر والموسيقي والمصوّر مير علي شير نوائي. فتعلّم الرسم والنقش على يدي الرسّام مِيرَك نقّاش من هراة، وسيّد أحمد التبريزي. وعمل في هراة مدّة تزيد عن عشرين سنة في مكتبة أمراء التيموريين مع مجموعة من الفنّانين والخطّاطين، وكان خلال هذه المدّة رئيس مدرسة هراة حيث وجد العناية البالغة من الشاعر مير علي شير. وبعد هزيمة الأسرة التيمورية على أيدي الشيبانيين سنة 913 (1507م) بقي بهزاد بمدينة هراة في خدمة سلطان الأوزبك الشيباني خان، إلاّ أنّه بعد سقوط هذه المدينة زهاء 916 (1510م) في أيدي الشاه إسماعيل الصفوي انتقل بهزاد منها إلى خدمة الأمراء الصفويين في تبريز (إيران)، الشاه إسماعيل، وخليفته الشاه طهماسب، فأصبح رئيسا لمكتبتها وكبير الحرفيين من الخطّاطين والرسّامين والمذهّبين سنة 930 (1522م).

أنجز بهزاد أعمالا فنية رائعة في نمنمة المخطوطات تميّزت بالدقّة والتعقيد وبمسحة استعبارية (درامية)، بيّنت علو كعبه في الفنّ الواقعي من خلال رسمه للحياة اليومية العادية (بناء قصر الخورنق)، ورسم المشاهد الحربية المليئة بالحركة والمناظر الطبيعية، وتميّز أسلوبه بدقّة التنفيذ وحيوية الحركات والعناية بتمييز كلّ شخصية عن الأخرى، والاستغناء عن التفاصيل، لا سيّما رسومه المتأخّرة، وتعدّد لون البَشَرة، والمزج العجيب بين الألوان: الأحمر، والأورد، والقرمزي، والأحمر القاتم، والأحمر الياجوري، ومختلف درجات اللون الأصفر والأخضر والأزرق المثبّتة على مِهاد عشبي ذي لون أخضر داكن، مع الاحتفاظ بمبدأ المنظور الشرقي، الذي يعتمد على ترتيب المشاهد حسب بُعدها باتجاه عَمَدي (رأسي)، بعضها فوق بعض. يظهر توفيق بهزاد في تصوير الطبيعة الريفية، وتفوقه في رسم الخيل، وقد رسم بهزاد الموضوعات المتعلّقة بالقصص الفارسي الشعبي، ورفع من قدر الرسم، وأجبر الخطّاطين على الرضا بما يتركه لهم من حيوز في صفحة المخطوطة، بل قد يستأثر هو بالصفحة والصفحتين. كان بهزاد متأثّرا بالتصوّف الإيراني ويغلب عليه الحياء والطيبة، وكان من أوائل الفنّانين الفرس الذين أثبتوا توقيعاتهم على ما رقموه من صور، والمعروف أنّ التوقيعات في الفنون الشرقية لم تبلغ من الأهمّية ما بلغته في الفنون الغربية، حيث نمت شخصية الفنّان، وفطن إلى حقّه في الافتخار بعمله.

ممّا لا شكّ فيه أنّ كثيرا من صور الكتب التي أُتّبع في تصويرها أسلوب بهزاد إنّما هي من عمل تلاميذه، منهم قاسم علي الذي يعتبر أكثرهم عونا له وأقربهم منه، وقد اُشتهر قاسم علي برسم الوجوه، كما رسم أيضا الأشجار الكبيرة البسيطة، والطبيعة في تمثيل الخريف بأوراقه المُعبَلة، وغالبا ما قلّد مصوّرو العصر الصفوي في القرن العاشر الهجري، رسوم الأشجار التي ابتدعتها مدرسة هراة، أمّا الألوان الجذّابة التي يسودها الأزرق المُرْمَدّ والأخضر فتظهر في كثير من رسوم بهزاد وقاسم علي، ومن تلاميذه أيضا شيخ زاده الخراساني الذي حافظ على تقاليد أستاذه وأسلوبه الفنّي، وكذلك مير مصوّر السلطان، وأغا ميرك، ومظفر علي. تركت أعمال بهزاد أثرا بارزا في فنّ الرسم الفارسي ومن بعده الرسم التركي، وسار على نهجه الكثير من التلاميذ الذين نقلو أُسلوبه إلى وسط آسيا والهند، كما أن أعماله الفنية قد قُلّدت مرارا وتكرارا.

كتب عنه المؤرّخ الإيراني خواندمير (881-942) يقول: وضع بهزاد أمامنا من روائع صوره وفنّه العجيب النادر، ما يحاكي ما أبدعته ريشة المصوّر الكبير ماني، وطمست أعماله الفنّية ذكرى غيره من مصوّري العالم، وفاقت صوره صور غيره من سائر الفنّانين، بفضل ما وهبته يده من مقدرة سحرية، وانبعثت الحياة في الجمادات بما كمن بين شعرات مِثماله من عبقرية ونبوغ. وتقول بعض الروايات إنّه لمّا وقعت الحرب بين الشاه إسماعيل الصفوي والسلطان سليم الأوّل العثماني سنة 920 (1514م)، خشي الشاه إسماعيل أن يستهوي السلطان سليم الأوّل الرسّام بهزاد، والخطّاط الشيخ محمود نيسابوري، فيأخذهما معه لأنّهما كانا سنّيين، فأخفاهما في إحدى المغارات لشدّة حبّه لهما، وشكر الله بعد المعركة إذ أنقذ له حياتهما. وقد تُوفّي بهزاد سنة 942.

لغة كلزية

Kamal od-Din Bihzad
Kamaleddin Behzad
لغة فرنسية

Kamal al-Din Behzad
Kamal al-Din Bihzad
مراجع

  • الفنون الإسلامية. تأليف: م. س. ديماند، ترجمة أحمد محمّد عيسى. دار المعارف بمصر، 1953م. مصر.
  • التصوير في الإسلام عند الفرس. زكي محمد حسن. مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2013. القاهرة، مصر.

منمنة لبهزاد تصوّر المناذرة يُشيّدون قصر الخَوَرْنَق، وهي محفوظة في المتحف البريطاني، لندن، مصدر الصورة: ويكيبيديا.

صورة من إنجاز بهزاد تصوّر جيش تيمور لنك، بمعنى تيمور الأعرج، في معركة مع فرسان رودس الذين تحصّنوا في ميناء إزمير سنة 1402م، وقد احتّل الصليبيون هذه المدينة سنة 1344م وأصبحت مدينة بابوية.