معجم المصطلحات الكبير
تجْرِبة الجزائِر في مُكافحة الفساد
الفساد

حسب تقرير منظّمة الشفافة العالمية، تُعتبر الدول العربية من بين أكبر الدول التي ينتشر فيها الفساد، وقد بلغت الأموال المهرّبة أزيد من 300 جَلْف دولار خلال 2006م، ممّا يوحي بأنّ الفساد في هذه الدول أصبح القاعدة والشفافة والنزاهة هما الاستثناء، ومحمي بموجب قوانين وتنظيمات، وقد احتلّت الجزائر مرتبة غير مشرّفة ضمن «مؤشّر الفساد للدول المصدّرة» ضمن 158 دولة أُخضعت للدراسة والمراقبة، حيث تحصّلت الجزائر على 2,8 نقطة من عشرة سنة 2005 محتلّة المرتبة 97، وبذلك اقتسمت الجزائر هذه المرتبة مع دول ضربت فيها الرشوة وسوء التسيير أطنابهما، مثل مدغشقر وملاوي وموزنبيق وصربيا ومونتينيغرو، علما أنّ الجزائر جاءت في الترتيب سنة 2003 وسنة 2004 في ذيل قائمة الدول العربية، كما توصّلت المنظّمة إلى أنّ الجزائر تتعامل مع أكبر الدول المعروفة بدفع الرِّشا. (خليل، 2009م).

من أجل مكافحة الفساد والتصدّي إلى أخطاره، أصدر المشرّع الجزائري قانون مكافحة الفساد رقم 06/01 المؤرّخ في 21 محرّم 1427 الموافق ليوم 20 فبراير لسنة 2006م نصّ في مادّته الأولى على أهداف هذا القانون، حيث قرّر أنّه يهدف إلى: (1) تعزيز النزاهة والمسؤولية والشفافة في تسيير القطاعين العام والخاص. (2) تسهيل ودعم التعاون الدولي والمساعدة الصِنْعية من أجل الوقاية من الفساد ومكافحته، بما في ذلك استرداد الموجودات.

أضافت المادّة الثالثة، أنّه تُراعى في توظيف مستخدمي القطاع العام وفي تسيير حياتهم المهنية القواعد التالية: (1) مبادئ النجاعة والشفافة والمعايير الموضوعية، مثل الجدارة والإنصاف والكفاءة. (2) الإجراءات المناسبة لاختيار وتكوين الأفراد المرشّحين لتولّي المناصب العمومية التي تكون أكثر عرضة للفساد. (3) أجر ملائم بالإضافة إلى تعويضات كافية. (4) إعداد نَهاجل (برامج) تعليمية وتكوينية ملائمة لتمكين الموظّفين العموميين من الأداء الصحيح والنزيه والسليم لوظائفهم، وإفادتهم من تكوين متخصّص يزيد من وعيهم بمخاطر الفساد.

وَفْقا للمادّة الثامنة من القانون فإنّه يلتزم الموظّف العمومي بأن يخبر السلطة الرئاسية التي يخضع لها إذا تعارضت مصالحه الخاصّة مع المصلحة العامّة، أو يكون من شأن ذلك التأثير على ممارسته لمهامّه بشكل عادي، كما تضمّن القانون على وجوب أن تؤسّس الإجراءات المعمول بها في مجال الصفقات العمومية على قواعد الشفافة والمنافسة الشريفة وعلى معايير موضوعية. ويجب أن تُكرّس هذه القواعد على وجه الخصوص: (1) علانية المعلومات المتعلّقة بإجراءات إبرام الصفقات العمومية. (2) الإعداد السابق لشروط المشاركة والانتقاء. (3) معايير موضوعية ودقيقة لاتّخاذ القرارات المتعلّقة بإبرام الصفقات العمومية. (4) ممارسة كلّ طرق الطعن في حالة عدم احترام قواعد إبرام الصفقات العمومية.

كما يجب أن تُتّخذ التدابير اللازمة لتعزيز الشفافة والمسؤولية والعقلانية في تسيير الأموال العمومية طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما، ولا سيما على مستوى القواعد المتعلّقة بإعداد ميزانية الدولة وتنفيذها. وفيما يتعلّق بمدوّنات قواعد سلوك الموظّفين العموميين تضمّنت المادّة السابعة من القانون أنّ من أجل دعم مكافحة الفساد، تعمل الدولة والمجالس المنتخبة والجماعات المحلّية والمؤسّسات والهيئات العمومية وكذا المؤسّسات العمومية ذات النشاطات الاقتصادية، على تشجيع النزاهة والأمانة وكذا روح المسؤولية بين موظّفيها ومنتخبيها، لا سيّما من خلال وضع مدّونات وقواعد سلوكية تحدّد الإطار الذي يضمن الأداء السليم والنزيه والملائم للوظائف العمومية والعُهدة الانتخابية. ولإضفاء الشفافة على كيفية تسيير الشؤون العمومية، يتعيّن على المؤسّسات والإدارات والهيئات العمومية الالتزام أساسا: (1) بتبسيط الإجراءات الإدارية. (2) بنشر معلومات تحسيسية عن مخاطر الفساد في الإدارة العمومية. (3) بالردّ على عرائض وشكاوى المواطنين. (3) بتسبيب قراراتها عندما تصدر في غير صالح المواطن، وبتبيين طرق الطعن المعمول بها.

كما أنّه لتحصين سلك القضاء ضدّ مخاطر الفساد، توضع قواعد لأخلاقيات المهنة وفقا للقوانين والتنظيمات والنصوص الأخرى السارية المفعول. وفيما يتعلّق بالقطاع الخاص تُتّخذ تدابير لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد، والنصّ عند الاقتضاء على جزاءات تأديبية فعّالة وملائمة وردعية تترتّب على مخالفتها. ولهذا الغرض يجب أن تنصّ التدابير المذكورة، لا سيّما على التالي (مطر، 2011م): (1) تعزيز التعاون بين الأجهزة التي تقوم بالكشف والقمع وكِيانات القطاع الخاص المعنية. (2) تعزيز وضع معايير وإجراءات بغرض الحفاظ على نزاهة كيانات القطاع الخاص المعنية، بما في ذلك مدوّنات قواعد السلوك من أجل قيام المؤسّسات وكلّ المهن ذات الصلة بممارسة نشاطاتها بصورة عادية ونزيهة وسليمة، للوقاية من تعارض المصالح وتشجيع تطبيق الممارسات التجارية الحسنة من طرف المؤسّسات فيما بينها، وكذا في علاقاتها التعاقدية مع الدولة. (3) تعزيز الشفافة بين كيانات القطاع الخاص. (4) الوقاية من الاستخدام السيئ للإجراءات التي تنظّم كِيانات القطاع الخاص. (5) تدقيق داخلي لحسابات المؤسّسات الخاصّة.

يجب أن تُساهم معايير المحاسبة وتدقيق الحسابات المعمول بها في القطاع الخاص في الوقاية من الفساد وذلك بمنع ما يلي (مطر، 2011م): (1) مسك حسابات خارج الدفاتر. (2) إجراء معاملات من دون تدوينها في الدفاتر أو من دون تبيينها بصورة واضحة. (3) تسجيل نفقات وهمية، أو قيد التزامات مالية من دون تبيين غرضها على الوجه الصحيح، استخدام مستندات مزيّفة. (4) الإتلاف العمدي لمستندات المحاسبة، قبل انتهاء الآجال المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما.

من ناحية أخرى يجب تشجيع مشاركة المجتمع المدني في الوقاية من الفساد ومكافحته بتدابير مثل (مطر، 2011م): (1) اعتماد الشفافة في كيفية اتخاذ القرار، وتعزيز مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية. (2) إعداد نَهاجل تعليمية وتربوية وتحسيسية بمخاطر الفساد على المجتمع. (3) تمكين وسائل الإعلام والجمهور من الحصول على المعلومات المتعلّقة بالفساد، مع مراعاة حرمة الحياة الخاصّة وشرف الأشخاص وكرامتهم، وكذا مقتضيات الأمن الوطني والنظام العام وحياد القضاء. هذا وقد تضمّن القانون إنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، وذلك بنصّه على أنّ تنشأ هيئة وطنية مكلّفة بالوقاية منه، بقصد تنفيذ المخطّطات الوطنية في هذا مجال.

مراجع

  • دراسة اقتصادية لظاهرة الفساد في الجزائر، مناقلة للربيز: خليل عبد القادر، الملتقى الوطني الثاني «آليات حماية المال العام ومكافحة الفساد» 05/2009. جامعة الربيز: يحي فارس بالمدية، الجزائر.
  • جرائم الفساد الإداري: دراسة قانونية تحليلية مقارنة في ضوء الاتفاقيات الدولية والتشريعات الجنائية وقوانين مكافحة الفساد في الدول العربية والأجنبية. عصام عبد الفتاح مطر. الجامعة الجديدة، 2011م. الإسكندرية، مصر.
  • قانون رقم 01-06 المؤرخ في 20 فبراير 2006م، يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته. وزارة العدل. الجمهورية الجزائرية الديمقراطية، الطبعة الأولى، طبع الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2006م.