اخترع الإنسان القديم المحراث والعجلة والشراع، وتعلّم الغزل والنسج، وصنع الفخّار والزجاج، وأوّل ما عرفه الإنسان من الفلزّات كان الذهب والفضّة واللُّجان، لأنّ معظم الفلزّات تتفاعل مع الكُثار والكبريت والسِّكتان، وتوجد طبيعيا في الأركزة على شكل مزيج معقّد من الأملاح، لكن الذهب والفضّة واللجان لا تتفاعل بشكل واضح، وهي بذلك يمكن أن تتواجد صِرْفة في الطبيعة على هيئة فلزّ نقي، مثل شذور الذهب التي توجد في الرَّغامات على مجاري الأنهار. كما عرف الإنسان الحديد والنحاس منذ فجر التاريخ، واكتشف الكيمياويون القدماء بعض العناصر مثل: الزرنيخ، والكبريت، والزئبق، والقصدير، والرصاص، والثماد، والخارصين، وإن كانوا في الغالب لا يفرّقون بينها وبين المعادن. وقد ورثت الكيمياء الحديثة هذه الأسماء القديمة.
أمّا العناصر الكيميائية التي اُكتشفت في الحضارة الحديثة فقد سُمّيت في اللغات الغربية لعلل كثيرة مختلفة، بعضها سُمّي على أسماء الأجرام السماوية، مثل: الهيليوم من «هليوس» وهو الاسم اليوناني للشمس، و«البلاديوم» من اسم الكويكب «بالاس»، الذي سُمّي بدوره من اسم ربّة الحكمة في الخرافات الإغريقية التي سمّوها «بالاس»، وعنصر السيريوم من «سيريس»، وهو أوّل كويكب اكتشفه العلماء في عام 1801م، كما سُمّي اليورانيوم من اسم كوكب «أورانوس» الذي سُمّي بدوره من اسم إله السماء في الأساطير الإغريقية، وسُمّي بعضها من أسماء ألوانها، فمُهاج «الكلور» ذو اللون الأخضر المصفرّ سُمّي من الكلمة اليونانية «كلوروس» التي تدلّ على هذا اللون، وسُمّي عنصر السيزيوم من الكلمة اللاتينية «سيزيوم» ومعناها أزرق مُرْمّد، واكتسب الثاليوم اسمه من اللفظ اللاتيني «ثالوس» أي الغصن الأخضر، كما جاء عدد كبير من أسماء العناصر الكيميائية من المكان الذي عاش فيه مكتشف العنصر، مثل: الهافنيوم من «هافنيا» الاسم اللاتيني لكوبنهاغن، واللوتيشيوم من «لوتيشيا» الاسم اللاتيني لباريس، والرينيوم تَبَعا لمنطقة نهر الراين، والروثينيوم من كلمة روس. أربعة عناصر سُمّيت على اسم قرية سويدية هي «إيتيربي»، قريبة من العاصمة ستوكهولم، وهي: إربيوم، تربيوم، يتربيوم، إتريوم. وهناك عناصر تخليقية حديثة سُمّيت على أسماء أشخاص أراد مكتشفوها أن يكرموهم بهذه التسميات، مثال ذلك: البوريوم، والكوريوم، والأنشتاينيوم، والفرميوم واللورنسيوم، والمنتنيريوم، والمندليفيوم، والنوبليوم، والرونتجينيوم، والروذرفورديوم، والسيبورجيوم.
سُمّيت العناصر الكيميائية في العربية اليوم لعلل مختلفة أيضا، ومتباينة، وأغلب التسميات جاءت تبعا لصفاتها الريزيائية أو الكيميائية، فالعناصر التي سمّيت لخفّتها: الهُبان، والهُفات، والزفان، والسخاف، والزهاف، ونجد بالمقابل بعض العناصر سمّيت لثقلها، مثل: الرزان، والشُّناج، والعناصر التي سُمّيت لشدّة تفاعلها، هي: الدُّجار، والقُلاز، والحُفاد، والهُباص، والشماق، والمُناس، كما أن بعضها سُمّي لخموله وقلّة تفاعله مثل الأمهجة الخاملة، وبعضها سُمّي للينه، مثل: البُثان، والبُراس، والدماث، والثبار، والخُناب، والجُثال، والغُدان، وبعضها الآخر سُمّي لصلابته وقوّة تحمله للمخرّبات، كالدراق، والنتال، والقُساب، والكناب الذي سُمّي لمقاومته الشديدة للتآكل ولصعوبة انصهاره، والكُمات، والقُعاس الذي سُمّي لثباته ومحافظته على خصائصه مهما تغيّرت الظروف المحيطة به، ولأنّه يُعدّ من أصلب الفلزّات، وله صمود كبير أمام الأحماض القويّة والماء في الحرورة العادية والمرتفعة، فاسمه مأخوذ من القَعَس وهو الثبات. هناك عناصر أخرى سُمّيت لقلّة وجودها في الطبيعة، مثل: الصراد، والسُّعان، والنباذ، والسباد، والسبار، وبالمقابل سُمّي الكُثار والكُثاب لوجودهما بكثرة في القشرة الأرضية، كما توجد عناصر أخرى سُمّيت لخلوصها ونقاوتها، وهما: السُّماق، والكبريت، نجد أيضا مجموعة من العناصر سُمّيت لاختلاطها بغيرها، وعدم وجودها على شكل صِرْف في الطبيعة، كالرباك، والرجاس، والغُسار، والثماج، واللهاج، أمّا السُّناخ والسهاك فقد سُميا لريحتهما الكريهة، وسُمّي القُلان لأنّه عنصر قلوي، كما سُمّي الزعات من الزعْت وهو الخنق لأنّه مُهاج لا يصلح للتنفّس. وسُمّي بعضها للونه، مثل: البُغاس، من البَغْس وهو السواد تبعا للون بلوراته السوداء، وأيضا الخُزام، للون مُهاجه الأخزم المعروف بالبنفسجي، وسُمّي اللجان لنفاسته وشبهه باللجين الذي هو الفضّة. أمّا العناصر المُخلّقة اصطناعيا فقد سُمّيت أيضا اصطناعيا بحروف العدد اعتمادا على عددها الذرّي، ثمّ جُعلت كلّها على صيغة «فُعال» للدلالة بهذه الصيغة على الصفة العنصرية الكيميائية.
تذهب اللغات الغربية إلى تخصيص لاصِبة على اسم العنصر للدلالة بها على صفته إنّ كان فلزّا أو غِلزّا، وهي الكاسعة «ium» لأسماء العناصر الفلزية والكاسعة «n» أو «ne» لأسماء العناصر الغِلزية، أمّا في العربية فقد جاءت أسماء العناصر كلّها على صيغة فُعال وِزان نُحاس ونُضار وتُراب وسُخام. ولم تُخصِّص العربية صيغة أخرى للتفريق بين المعنيين على الرغم من أنّ ذلك في حدود الإمكان، والاعتبارات التي منعت اعتماد صيغة أخرى، هي: أنّ معظم العناصر فلزّات، وأنّ الغِلِزّات تشتمل على الأمهجة الخاملة في الظروف العادية، كما أنّ بعض العناصر تقع وسطا بين الفِلزات والغِلزّات وهي الشِّلِزّات، زيادة على ذلك فإنّ بعض العناصر في العربية لها تسميات قديمة لا تخضع لقاعدة الصيغة اللغوية، كالذهب، والفضة، والقصدير، والزئبق، والزرنيخ، والحديد، والكبريت، والخارصين. ثمّ إنّ هذه القاعدة نفسها لم تُحترم كثيرا حتّى في اللغات الغربية، مثال ذلك، الهيليوم فقد كان من الواجب تسميته الهيليون، كما أنّ السيلينيوم والتلوريوم، فبعض أشكالهما المتآصلة هي فقط التي تتفاعل كالفلزّات. وقد عُمّمت صيغة فُعال لتضمّ أسماء المعادن أيضا، بينما جُعل للصخور صيغة فَعَل وِزان مَدَرٍ وحَجَر.