مصطلح قديم يُراد به ضرب من الكتب يحصل مما يمليه الشيخ أو من ينوب عنه بحضرته مما فتح الله به عليه من علم، فيتلقفه الطلبة بالتقييد في دفاترهم. وتُسمّى الأمالي إملاء أيضا، ويُسمّيها علماء الشافعية بالتعليق. يكون الإملاء بإعداد الشيخ ما يمليه، وقد يُلقي على الطلبة ما شاء من تلقاء نفسه، وكثيرا ما يختلف لفظ الإملاء بالارتجال إذا تكرّر إلقاء نصّ الكتاب، فتختلف لذلك نُسخه زيادة أو نقصانا، وقد بلغت مجالس الإملاء من ضخامة عدد الحضور أن ظهرت في المجتمع فئة جديدة تُعرف «بالمُسْتَمْلِين»، يتولّون ترديد كلمات الشيخ أو الأستاذ حتّى يسمع الناس. ونظرا لاختلاف الإملاء أو زيادة المُملي لفصول على كتابه، أو يحذف شيئا ممّا أملاه عند مراجعة الكتاب، فينفي عنه بعض ما كان قد أثبته، لذلك كان المؤلّفون يقومون بمعارضة الإملاء الأوّل بالأخير لاستخراج نصّ يرضونه، مثلما فعل الأصمعي في كتابه «النوادر»، حين قُرئ عليه بعد أن أملاه، فأنكر بعضا منه، وأمر تلاميذه بحذف ما أشار بحذفه، واستنساخه له بعد تصفيته. بدأ انتشار الأمالي وأصبح ظاهرة عامّة على مشارف القرن الثالث، وكثر في مختلف العلوم والفنون، ولعلّ علماء الحديث واللغة هم أكثر الناس اهتماما بهذا اللون من التأليف.

من دواعي ظهور الأمالي أيضا، وجود طائفة من العلماء المكفوفي البصر، الذين تعلّموا سماعا، مثل: ابن سيده، الذي أملى كتابه «المخصّص»، أوسع كتاب في اللغة، أملاه إملاء، وكذلك «المبسوط»، أوسع كتاب في الفقه، أملاه مؤلّفه الإمام السَّرَخْسي شمس الدين الحنفي وهو محبوس في الجبّ، لكلمة حقّ قالها لسلطان، فكان تلاميذه يقفون في الطريق يستملون ويكتبون، وهو يملي عليهم من بطن الجُبّ، ومثله بكار بن قتيبة قاضي مصر، لما سجنه ابن طولون وطال سجنه سأله طلاب الحديث أن يأذن لهم بالسماع منه، فحدّثهم وهو في السجن يأخذون عنه من وراء الباب. كان الإملاء أعلى وظائف الحافظ في اللغة كما ذكر السيوطي، وربّما استوعب عدّة مجالس في عدّة سنين. وكُتُب الأمالي كثيرة أشهرها كتاب الأمالي تأليف أبي علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي، المُزْداد بإحدى قرى ديار بكر عام 288 والمتوفى بقرطبة عام 365 ومعظم كتب الأمالي لم تُمل بعُلْوان الأمالي ولكن بعلاوين خاصّة كالجمهرة لابن دريد (321)، وأقدم الأمالي هي أمالي الإمام يعقوب بن إبراهيم الأنصاري (183) حسب حاجي خليفة في كشف الظنون.