معجم المصطلحات الكبير
بَلغُوتا
الإعلام والاتصال

الدراسة المنهجية للتفاعلات بين الصِّنْعة والثقافة. تهتم البلغوتا بوسائط نقل المعنى، في المكان والزمان، لأنه إذا كان الاتصال يقوم بنشر المعلومات بين المتعاصرين في المكان، فإن النقل (بمعنى نقل التراث) يجعلها تنتشر في الزمن، بين الأجيال. يعرّفها العادل خضر في كتابه «الأدب عند العرب»، بأنّها: طريقة في إظهار الكيفيات التي يرتبط بها نظام ثقافي ما بأنظمته الإبلاغية ووسائطه الصِّنْعية (التقنية) والمؤسّساتية التي بها يُنقل التراث، وتقاوم الذاكرةُ النسيانَ وعاديات الزمان. ويمثّل الكاتب لهذه الفرضية بدور المطبعة باعتبارها وسيطا في اندثار أنظمة إبلاغية وظهور أنظمة أخرى، فاختراع المطبعة أسهم في اندثار «السكولاستيكية» في أوروبا وظهور النزعة الإنسانية والقوميات، الخ. كما أن النهضة العربية الحديثة هي في وجه من وجوهها من عمل المطبعة. يتطلب نقل المعلومات صنعات ومؤسسات تُشغّل هذه الصنعات. تقوم البلغوتا بشكل فعّال على ركيزتين: الجانب الصنعي، «المادّة المنظَّمة» matière organisée، والجانب المؤسّسي أو السياسي، «المنظّمة المحقَّقة» organisation matérialisée، أي المؤسسات التي تنتج الأدوات الصنعية وتستعملها وتنشرها وتضفي الشرعية على دعمها. هذه المؤسسات متخصّصة إلى حد ما في الاتصال أو البثّ. في الأساس: البَلَغ média يتواصل بينما المدرسة تبث.

تعليق

البلغوتا، من بَلَغ بمعنى وصل وأدرك، على فَعَلوتا وِزان جبروتا.

السكولاستيكية أو السكولائية، هي المدرسانية، من سكولا، بمعنى المدرسة باللغة اللاتينية.

ظهر مصطلح médiologie أو مفهوم البلغوتا في سنة 1979م في عمل ريجيس دوبريه Régis Debray، «القوة الفكرية في فرنسا». النص التأسيسي هو «دروس في البلغوتا العامّة» Cours de Médiologie générale الذي نُشر في عام 1991م. يؤكد دوبريه أن البلغوتا تعتمد على العديد من السوابق: فيكتور هوغو («هذا سيقتل ذلك»، في dans Notre-Dame de Paris)، والتر بنجامين Walter Benjamin، بول فاليري Paul Valéry، مارشال ماكلوهان Marshall McLuhan، والتر ج. أونغ Walter J. Ong، أندريه ليروي غورهان André Leroi-Gourhan، جيلبرت سيموندون Gilbert Simondon... من ناحية أخرى، تتقاطع البلغوتا مع فكر: فرانسوا داجونيه François Dagognet، برنارد ستيغلر Bernard Stiegler، بيير ليفي Pierre Lévy أو جان بودريار Jean Baudrillard، جاك دريدا Jacques Derrida، رولان بارت Roland Barthes... بالإضافة إلى أعمال ريجيس دوبريه، نُشرت نصوص البلغوتا الرئيسة في مخيرتين متتاليتين: Cahiers de médologie (بين 1996 و2004م) وMediuM (2005م حتى يومنا هذا).

البلغوتا، هذا النظام الجديد الذي ينوي ريجيس دوبريه Régis Debray تأسيسه، ليس مجرد صورة رمزية لنظرية الاتصال. من خلال إعطاء الأولوية لدراسة القيود والتسلسلات الهرمية والمؤسسات التي تشكل وعينا التاريخي الجماعي، يعتزم دوبريه بناء علم نقل الأفكار، ويؤكد مع أوغست كونت الحقيقة التالية: «لقد خُلقنا ممّن سبقونا». الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي له تاريخ قادر على نقله وتذكره من جيل إلى جيل. تتمثل مهمة البلغوتي في دراسة الظروف المادّية والاجتماعية لهذا النقل، والذي يحدث في ثلاثة بواليغ médiasphères: الكلام والكتابة والصورة. وبالتالي، فإن مجال البلغوتا هو مجال التفاعلات بين الصنعة والتطور الثقافي، مجال تأثيرات الوسيط médium على السلوك الاجتماعي والعقلي. سيسأل البلغوتي نفسه بأية عملية، وبأية نواقل يحدث ذلك، إن كلمات الأنبياء هي التي ولّدت العوالم الدينية اليوم، كانت في الأصل: كلمات، خطب، كتيبات، رجال عظماء. ثمّ معابد وجيوش ومدارس ودول. سيفكر البلغوتي في الأشكال الأدبية، في الصلة بين الإوالة (المكننة) وتطوير السكك الحديدية، ونشر الأدب القصصي. هذا مع الأخذ في الاعتبار العامل الصنعي كشرط للانتقال، يجعل، وفقا لدوبريه، أصالة البلغوتا في نظر العلوم الإنسانية الأخرى.

كانت نقطة انطلاق كل أفكار الحداثة ملاحظة الطلاق المتزايد بين الصنعياء والذات البشرية. يقبل إنسان عصر ما بعد الحداثة هذا الانفجار. يرى الآخرون في الذات الشخصية المصدر الوحيد لإعادة تكوين العالم؛ الموقف الثالث الأخير، الذي يمكن ربطه بدوبريه، يتمثل في إعادة التأكيد على اعتماد الذات sujet على المحدّدات الاجتماعية والسياسية والمؤسسية. مع دوبريه، كل شيء مصحوب برؤية تنبّئية وخطيرة قليلا، للمثقّف الذي يربط بين الفكرة والناس، مثل الأنبياء الوسطاء بين الله والناس.

لغة كلزية

mediology
لغة فرنسية

médiologie
مراجع

  • حكمت الحاج، أبحاث. سلسلة نقديات معاصرة. مومنت للكتب والنشر، 2018م.
  • mediologie.org/qu-est-ce-que-la-mediologie-26
  • scienceshumaines.com/introduction-a-la-mediologie_fr_548.html