المجتمع المبني على المعلومات بحيث تكون هي القوّة المحركة له من الناحية الاقتصادية والسياسية والثقافية وغير ذلك، وتكون فيه المعلومات متوفّرة وتُنتج على نطاق واسع. وحسب إعلان المبادئ الخاصّ بالقمّة العالمية لمجتمع المعلومات العالمي WSIS المنعقدة في جنيف سنة 2003م يستطيع الفرد في هذا المجتمع استحداث المعلومة والمعرفة والنفاذ إليها واستعمالها وتقاسمها، كما يتمكّن فيه الأفراد والمجتمعات والشعوب من تسخير إمكانياتهم الكاملة للنهوض بتنميتهم وتحسين واقعهم المعيشي. ظهر أوّل مرّة مصطلح مجتمع المعلومات في أوائل الستّينيات الميلادية للدلالة على تحوّل اقتصادي من النمط السائد للإنتاج الصناعي إلى نمط آخر يعتمد على الخدمات، ففي عام 1962م تمّ صياغة مصطلح «اقتصاد المعرفة» knowledge economy للمرة الأولى للتعبير عن النظام الاقتصادي القائم في الولايات المتّحدة، ومبيّنا في الوقت نفسه عن بدء مرحلة جديدة من مراحل التحوّل في المجتمع الإنساني متجاوزة ما كان يُعرف من قبل «بالاقتصاد الصناعي» industrial economy التقليدي، غير أنّ ذلك لا يعني أنّ هذه المرحلة قد ضمّت دول العالم كافّة نتيجة صعوبة توفير المقوّمات الضرورية لبناء نظام اقتصادي جديد. كانت فكرة مجتمع المعلومات وليدة نهاية العقود الأخيرة من القرن العشرين ثمّ تبلور هذا المفهوم واتّخذ منحى عالميا مع انتشاره الواسع في بداية العقد الأول من القرن الواحد العشرين الميلادي، لا سيّما بعد قمّة جنيف للمعلومات سنة 2003م، ومن ثمّ فإنّ ركائز هذا المجتمع قد تمثّلت في عدّة ابتكارات حديثة، وأخرى قديمة تطوّرت، كالهاتف والمبراق، والناسوخ والإذاعة والرناة والحاسوب مع ظهور الإشباكة وانتشارها عالميا، وهي أجهزة أحدثت طفرة في عالم التواصل الإنساني موجدة سيلا منهمرا وضخما من المعلومات والمعرفة.
إنّ «مجتمع المعلومات» هو مجتمع قائم على الجدلية بين صنعياء الاتصالات والمعرفة الإنسانية، فهو علاقة ثنائية تبادلية تجمع بين بِنْية تحتية قوامها شبكة من الاتصالات، ومحتوى المعلومات التي يجري تبادلها عبر هذه الشبكة، فمجتمع المعلومات هو البيئة الاقتصادية والاجتماعية التي تطبّق الاستعمال الأمثل للمعلومات وتوزيعها على جميع أفراد المجتمع لتلبية كلّ حاجياتهم الشخصية والمهنية.
(1)- فبنية المعلومات التحتية هي عبارة عن شبكات اتصالات تقدّم خدمات الإهتاف (اتصالات الهواتف الثابتة) والإذكاف (اتصالات الذُّكُف) والتناطي telecommunication وشبكات تبادل البيانات وعلى رأسها الإشباك networking وتعتبر الإشباكة أهمّها جميعا، فهي أبرز المؤشّرات الدالّة على مجتمع المعلومات لاندماجها الواسع مع عدّة وسائط وصنعياء خلقت أشكالا ووسائط أخرى جديدة كالإذاعة الإشباكية والرناة الإشباكية والاتصال الإذكافي باستعمال الإشباكة.
(2)- المحتوى الرقمي، ويتمثّل في النشر من حيث مصادر المعلومات الناتجة عن النشر التقاني والنشر الورقي، ثمّ البثّ الجماهيري مثل الإذاعة والإرناء الإشباكي والبلغ المتعدّد كالإنتاج المخالي والهِناسة (الفيديو) والفنون الرقمية والتسجيلات الموسيقية والنهاجل التعليمية والثقافية ونهاجل ألعاب الهِناسة وتأمينها وتوزيعها.
وقد مرّ «مجتمع المعلومات» بثلاث مراحل:
(1)- المجتمع الغني بالمعلومات، وقد جاء نتيجة طبيعية لتطور المجتمع الصناعي والحرب الباردة، وطبيعة النشاط الثقافي في الدول المتقدّمة.
(2)- ثمّ المجتمع القائم على المعلومات، وهي المرحلة الثانية التي جاءت استمرارا للمرحلة السابقة، تميّزت بالانتشار الواسع لأدوات نشر المعلومات كالهواتف والإذاعات والرَّنَوات والإشباكة في أوّل أمرها.
(3)- ثمّ المجتمع الذي تهيمن عليه المعلومات، وهي المرحلة التي تعيشها المجتمعات المتقدّمة حاليا، حيث أصبحت المعلومات سلعة تنتج وتباع.