معجم المصطلحات الكبير
نقد أدبي تحليلي نفسي
اللغة والأدب

إنّ الكثير من التحليل النفسي للأدب غالبا ما يستعمل المفاهيم والمصطلحات والمنهجية بشكل مبتذل جدّا. ومهما كان الأمر، فإن مجموعة كاملة من التحليلات والنظريات الأدبية أصبحت الآن تسمى بالتحليل النفسي بحكم الممارسين الذين يعلنون ذلك. يجب أن يُنظر إلى مفاهيم معيّنة ووجهات النظر على أنّها مشتركة مع التحليل النفسي، وأن يكون لها ما يسوّغها. كان سيغموند فرويد نفسه واضحا تماما بشأن ماهية تلك المفاهيم الأساسية. وفي مقالة قصيرة لإدراجها في موسوعة، ذكر، تحت علوان «حجر الزاوية في نظرية التحليل النفسي»: «إنّ افتراض وجود عمليات عقلية غير واعية، والاعتراف بوجود نظرية المقاومة والكبت theory of resistance and repression، وتقدير أهمية الجنس وعقدة أوديب– تشكّل الموضوع الرئيس للتحليل النفسي وأسس نظريته. ولا ينبغي لأي شخص لا يستطيع قبولها أن يعتبر نفسه محلّلا نفسيا». كان التحليل النفسي إلى حدّ كبير نتاج عقل رجل واحد، على الرغم من أنّ فرويد جمع تدريجيا العديد من الأتباع الذين شاركوه قناعاته وطوّروا جوانب إضافية من نظرية التحليل النفسي بشكل أكبر. لقد طوّر فرويد التحليل النفسي في المقام الأوّل كوسيلة لمساعدة المرضى المضطربين عقليا. أثناء دراسته في مدرسة شاركو Charcot في باريس، أصبح مقتنعا بوجود منطقة واسعة غير واعية في العقل والتي كانت وما زالت تمارس تأثيرا قويا على عقلنا الواعي. من خلال الدراسة الدقيقة للمرضى المضطربين عقليا وأعراضهم، اكتشف أن معرفة اليَوْع (اللاوعي) يمكن الوصول إليها من خلال تحليل الأحلام وأعراض السلوك العصبي والاختلال العقلي (زلّات اللسان الفرويدية الشهيرة).

لا يستطيع العقل الواعي التعامل مع بعض الحقائق البغيضة المدفونة في اليوع، وعندما تهدّد هذه الحقائق بالظهور على السطح، يقوم العقل بقمعها، محاولا عمليا إنكار واقعها. إن التوتّرات التي تظهر بين الحاجة إلى خروج مثل هذه الحقائق إلى السطح، وإصرار الذات على قمعها يمكن أن تؤدّي إلى اضطراب عقلي خطير، وهذا ما دعا فرويد إلى وصف العصاب neurosis بأنه يشمل السلوك القهري وأنماط التفكير الوسواسية obsessive modes of thinking. ويُعالج المريض من خلال مساعدته على فهم سبب الاضطراب السلوكي وتتبّع جذوره في اليوع (اللاوعي). قد ثبت أنّ الاحتياجات المكبوتة الأكثر شيوعا، هي ذات طبيعة جنسية، ولكنّها ليست الوحيدة التي تُكبت. كما طوّر فرويد نظرية تطوّر النشاط الجنسي الطفولي ووسّع مجالات اهتمام التحليل النفسي لتشمل ظواهر ثقافية واجتماعية أوسع، بما في ذلك المعتقدات البدائية والخرافات والدين وطبيعة الحضارة وما إلى ذلك. لم يحدّد فرويد نظرية في الفنّ أو الجماليات، لكنّه أعطى إشارات واضحة عن كيفية رؤيته للفنّ والأدب ومكانهما في مخطّط التحليل النفسي. وتنتشر الأدلة على آرائه في جميع كتاباته وتتجلّى في إشاراته المتكرّرة إلى الأعمال الأدبية واقتباساته منها. في تعليقاته على قصة ي. ت. أ. هوفمان E. T. A. Hoffmann، «المنوم» sandman، في مقال «الغرابة» the uncanny، وفي تعليقاته على مسرحية «ريتشارد الثالث» لشكسبير و«روزميرشولم» Rosmersholm لإبسن Ibsen، ألمح إلى خطوط التحليل بدلا من تتبّعها عبر هذه الأعمال. كانت دراسة فرويد المكثّفة الوحيدة لعمل أدبي هي رواية «غراديفا» Gradiva التي كتبها فيلهلم جنسن Wilhelm Jensen، والتي صادفت أن تناسبت بشكل جيّد مع التحليل الفرويدي. يفترض الكثير من المنظّرين والنقّاد من دون تردّد أن فرويد قد ساوى بين الكتابة الإبداعية وبين الحلم وتدفّقات العُصاب، لأنهم يعتمدون كثيرا وإلى حدّ كبير على الآراء المعبَّر عنها في إحدى المقالات: «الكتّاب المبدعون وأحلام اليقظة» Creative Writers and Daydreaming.

في الواقع، كان فرويد يعتبر الفنّانَ بوضوح إنسانا فريدا يتجنّب العُصاب والتمنّي المحضّ من خلال ممارسة فنّه. ينخرط الفنّان أو الكاتب في عملية التسامي (تصفية الدوافع الغريزية، مثل دوافع الجنس والعدوانية، وتحويلها إلى نشاط إبداعي وفكري). ليس الفنّ هروبا، بل هو وسيلة للتعامل مع التناقضات الداخلية وإعادة تأسيس علاقة مثمرة مع العالم، فالكاتب الجيّد يمكّن قُرّاءه من إقامة علاقة مماثلة مع عالمهم، غالبا في ضوء نقدي جديد. الفنّ، هو وهم ولكن نتائجه حقيقية: «الفنّ هو واقع مقبول تقليديا، حيث تتمكّن الرموز والبدائل، بفضل الوهم الفنّي، من إثارة مشاعر حقيقية». (اِدّعاءات التحليل النفسي حول الفائدة العلمية). إنّ أفضل نموذج لجماليات التحليل النفسي في كتابات فرويد هو عمله «الفكاهة وعلاقتها باليوع» (1905). لا تستجلي دراسة الفكاهة هذه (التي تُترجم أحيانا «النُّكَت») الحالة النفسية للشخص الذي يمزح فحسب، بل تفسّر أيضا كيف تؤثّر الفكاهة على الجمهور، ولماذا يكون النظر إلى السياق الاجتماعي مهمّا. في خلق الفكاهة والاستمتاع بها، فإنّنا نشترك في نقد القمع الاجتماعي للغرائز. إنّ الفكاهة، باعتبارها ظاهرة جمالية، بعيدة كلّ البعد عن كونها شكلا من أشكال العزاء أو المصالحة. فهي تنيرنا وتتيح لنا المشاركة في الاحتجاج على إنكار الذات الذي قبلناه على أنّه ضريبة الوجود المتحضّر. (النظرية الأدبية، ديفيد كارتر).

لغة كلزية

psychoanalytic literary criticism
لغة فرنسية

critique littéraire psychanalytique
مراجع

  • النظرية الأدبية. ديفيد كارتر. ترجمة الربيز: باسل المسالمة. دار التكوين، الطبعة الأولى، 2010م. دمشق، سوريا.