معجم المصطلحات الكبير
وَباء
الوِباءة

الانتشار والتطور السريع لعدد حالات المرض المعدي في منطقة كان مستوطنا فيها أو في مجتمع خالٍ منه من قبل. أو هو حدوث حالات من المرض في مجتمع معيّن أو منطقة إراضية محدّدة بأعداد كبيرة تفوق ما هو متوقّع وَفْق الخبرة السابقة في الفترة الزمنية نفسها. مثال ذلك، وباء متلازمة الالتهاب الرئوي الحادّ «سارس»، الذي يسبّبه أحد فيروسات عائلة كورونا، فقد أودى بحياة زهاء 800 شخص في جميع أنحاء العالم، سنة 2003م، وفي أيّام معدودة. يعرّفه معجم الوبائيات، الصادر عن منظّمة الصحّة العالمية، بأنّه: حدوث حالات مرضية في المجتمع، لا سيّما ما يتعلّق بالسلوك المرتبط بالصحّة أو الأحداث الصحّية الأخرى، وبشكل يزيد بوضوح عمّا هو متوقّع في الحالات الطبيعية، وتكون المنطقة محدّدة بدقّة وكذلك الفترة. يختلف عدد الحالات التي تشير إلى وجود الوباء باختلاف العامل المُمْرِض، وحجم المرض، وطبيعة أو نوع الجمهرة المتعرّضة، والإصابات السابقة، أو فقد التعرّض للمرض سابقا، ووقت الحدوث ومكانه، لذا فإنّ مقدار حدوث الوباء يتناسب مع التكرار المعتاد للمرض في المنطقة نفسها، وفي الجمهرة والفصل والسنة نفسها. إنّ حالة واحدة من مرض سارٍ طال غيابه من الجمهرة، أو الغزو الأوّل للمرض الذي لم يعرف في المنطقة، يتطلّب الإبلاغ الفوري وإجراء تقصّيات كاملة. أمّا ظهور حالتين من مثل هذا المرض في وقت واحد وفي المكان نفسه، فيكون دليلا كافيا لاعتبار المرض وباءً، ويتمّ استعراف الأوبئة الحديثة في الوقت الحاضر تلو حدوث أعداد قليلة من الحالات، مثل: وباء سرطان الفرج لدى البنات لأمّهات عولجن بمادّة «الدي إيثيل ستلبسترول» أثناء الحمل، ومثل فَشاغ «الإيدز» الذي سبقته حالات من التهاب الرئة بالمكتسبة الجؤجئية في المُتبزّيين (الشواذ جنسيا) في لوس أنجلوس عام 1981م. إنّ الغرض من أنظمة الترصّد هو استعراف أو اكتشاف الأوبئة بأبكر وقت ممكن لاتّخاذ الإجراءات الفعّالة للمكافحة، ولعلّ هذا هو الاستعمال الأكثر أهمّية للوِباءة، ويمكن استعمال الوباء أيضا لوصف تفشّي المرض لدى الحيوانات أو النباتات.

تعليق

تنجم الأمراض المعدية من الأحياء الدقيقة، مثل: الجراثيم، والفيروسات، والطفيليات، والفطريات. وتنتقل الأمراض من شخص إلى آخر، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وتدرس الوِباءة مختلف العوامل المؤثّرة في ظهور الأمراض، وطريقة انتشارها وتوزّعها، وتطوّر سيرها، سواء أكان أساسها الفرد أم المَحاط الذي يعيش فيه، كما تدرس أيضا طريقة الوقاية منها. توجد الوِباءة التي تُعنى بالأمراض المعدية السارية بين البشر وتوجد أيضا الوباءة الحيوانية، المعروفة بالوباءة البيطرية، أو أمراض الحيوان الوبائية، هناك الكثير من الأمراض التي تبدأ بالانتشار في الإنسان، كانت قد شكّلت أوّلا وباءً في الحيوان. وقد صنّفت المنظّمة العالمية للصحّة هذه الأمراض في ثلاث فئات، هي: الأمراض التي تسبّب مستويات عالية من الوفيات؛ والأمراض التي تضع على السكّان أعباءً ثقيلة من العجز؛ والأمراض التي يمكن أن يكون لها تداعيات عالمية خطيرة، نظرا لسرعة انتشارها والطبيعة غير المتوقعة لهذا الانتشار. لقد اقتصر الأخذ بمصطلح وباء في أوائل القرن العشرين الميلادي على الأمراض المعدية، الأمر الذي يبيّن حقيقة تاريخية لما اجتاح العالم من أمراض كالطاعون، أو الهَيْضة (الكوليرا) أو الجدري أو الأنفلونزا على سبيل المثال، وبذلك يتّضح لنا أهمّية فهم الأوبئة لمكافحتها ومنع انتقالها من بؤرها إلى مناطق أخرى خالية منها، يتطلّب هذا وجوب وجود تصنيف يحدّد الفروق بين مستويات انتشار مختلف الأمراض المعدية، ودرجة استفحالها. هناك فروق واضحة بين الوَباء، والفَشاء، والفَشاغ، والرَّباد.

  • 1- الوباء epidemic، حسب تعريف منظّمة الصحّة العالمية، هو: حالة انتشار لمرض معيّن، حيث يكون عدد حالات الإصابة أكبر ممّا هو متوقّع، في مجتمع محدّد، أو مساحة إراضية معيّنة أو موسم، أو مدّة زمنية.
  • 2- الفشاء outbreak، مصطلح مترادف للوباء، ويفضّل أحيانا تجنّبا للإثارة المرتبطة بكلمة وباء، ويستعمل في أحيان أخرى ليشير إلى وباء موضعي مقارنة بالوباء العام، أي أنّ الفشاء هو انتشار لحالة مَرضية في منطقة أو مناطق محدّدة أصغر من مناطق الوباء؛
  • 3- الفَشاغ pandemic، هو وباء ينتشر على مساحة إراضية كبيرة وممتدّة، تشمل العديد من الدول، أو قارّة أو أجزاءً من قارّة أو أكثر، وهو بهذا وَباء عالمي، يصيب عادة نسبة كبيرة من السكّان أو التجمّعات الحيوانية، يُستعمل لهذا المعنى الأخير مصطلح جائحة، وهو لا يصحّ، فالجائحة لا علاقة لها بالأوبئة والأمراض، بل لها علاقة بالاقتصاد، حيث يراد بها «ما يصيب الأموال والثمار والزروع من آفات سماوية: كبرد وثلج وريح حارّة، أو غيرذلك: كجراد، ونار، وجيش، ونحوها»، أي «كلّ ما أُتلِف بسبب مَعْجوزٍ عن دفعه عادة». الفَشاغ، وِزان الوَباء، اسم من الفَشْغ، وهو انتشار الشيء واتّساعه، وكلّ شيء اتّسع وامتدّ، فقد انفشغ. مثل: انفشاغ الوباء أو المرض، واتساعه وانتشاره، فيصبح فَشاغا.
  • 4- الرَّباد endemic، المرض المُتوطِّن، مثل الأَجَمِية (الملاريا)، يكون طارئا وينتشر في مجموعة سكّانية (دولة، أو قارّة) تحتفظ بعدوى مستديمة وباستمرار، من دون الحاجة إلى عوامل وتأثيرات خارجية، الرَّبَاد مأخوذ من قولهم: رَبَد بالمكان، أقام، ومن هذا اشتقاق المِرْبَد، للموضع الذي تُحبس فيه الإبل.
  • 5- الطَّراء sporadic، حالات العدوى الاعتباطية غير المنتظمة، التي تظهر بين الحين والآخر، وحدوثها غير شائع أساسا.

إذا كان مصطلح الوباء يطلق إذا ما حدثت الإصابات في قطاعات واسعة من البشر، فهو في الحيوان السُّواف epizootic، وقد تسبق السوافية الحيوانية أوبئة الإنسان (يحدث أن تسبق أوبئةَ الحمّى الصفراء أوبئةُ الغابة، وتسبق أوبئةَ الطاعون أوبئةُ الجرذان)، ما يصيب الإنسان والحيوان من علل في بدنه يُسمّى المرض، وما يصيب النبات هو الآفة، يُقال في العربية: إيف الزرع، أصابته آفة. تصنيف الآفات في النباتات موجود أيضا على أساس مدى انتشار الآفة وشدّتها،حيث نجد الآفات الوبائية والآفات المتوطّنة، وكذلك الطارئة. ويسمّى الوباء في النبات بالكادية والكُدية epiphytotic، والكادية في اللغة الآفة تصيب الزرع فتردّه في الأرض، والكادِية والكُدْية الشدّة في النبات، ففي الحالة الوبائية تظهر الآفة فجأة وبسرعة وتكون شديدة الوطأة وذات تأثير كبير على إنتاجية المحصول، وتسبّب خسائر كبيرة كمّا أو نوعا أو كليهما، ويكون ذلك في فترة معيّنة، من دون فترات أخرى، وهي من الآفات ذات الربح أو الربح المركّب، مثال ذلك: آفة اللفحة المتأخّرة في البَتات، والحَبْقَن (الطماطم)، وآفة صدأ الساق الأسود في القمح.

في حالة الرُّبْدة emphytic أي في حالة الآفة المُتوطِّنة أو الرَّبادية تكون الآفة ذات تأثير ضارّ، متوسّط إلى شديد على النباتات كمّا أو نوعا أو كليهما، وتكون غير فجائية، وعادة تكون من الآفات ذات الفائدة أو الربح البسيط، مثل: آفات الذبول الناتجة عن الفطر fusarium، والفطر verticillium، وغيرها من فطريات الذبول، وبعض آفات التفحّم أيضا، مثل: التفحّم المغطّى في القمح والشعير، وتفحّم الحبوب في الذرة الرفيعة. الطُّرْأة أو الآفة الطارئة sporadic، هي آفة قليلة الانتشار، توجد في حالات فردية، ولا تؤثّر تأثيرا فعّالا على المحصول، وقد توجد في موسم دون آخر، لذلك فإنّها آفة قليلة الأهمّية، وذلك كما في آفة صدأ الذرة الشامية في مصر. وتجدر الإشارة هنا، أنّ ما يكون آفة كادية في قطر معيّن، هو آفة طارئة في قطر آخر، ويتوقّف ذلك على الظروف البيئية، فآفة لفحة الأوراق الجنوبية في الذرة الشامية، والتي يسبّبها الفطر helminthosporium maydis، من الآفات الوبائية أو الكادية في الولايات المتّحدة، لكنّه في مصر من الآفات الطارئة، وقد تسبّب هذه الآفة خسارة في المحصول ما بين 50 إلى 75%، كما في عام 1970م في كثير من مناطق العالم. الآفة الفَشاغية الشاملة، هي عبارة عن آفة عامّة، تضرب مناطق كثيرة من أنحاء العالم، مختلفة ومتباعدة إراضيا، مثال ذلك: آفة اللفحة المتأخّرة في البتات والحبقن، وصدأ الساق في القمح.

بناء على ما سبق، يمكن تقرير القاعدة التالية: تأخذ الأمراض الوبائية التي تصيب الإنسان صيغة فَعال، فيُقال: وَباء epidemic، وفَشاء outbreak، وفَشاغ pandemic، ورَباد endemic، وطَراء sporadic. وتأخذ الأمراض التي تصيب الحيوان صيغة فاعلة، فيُقال: سُواف أو ساوِفة epizootic، وفاشِية، وفاشِغة، ورابِدة enzotic، وطارِئة. وفي النبات تكون الصيغة فُعْلة، فيقال: كادِية أو كُدْية epiphytotic، وفُشْأة، وفُشْغة، ورُبْدة emphytic، وطُرْأة.

لغة كلزية

epidemic
لغة فرنسية

épidémie
مراجع

  • علم الوبائيات في مجالات صحة الإنسان والحيوان. الربيز: شعبان خلف الله. دار الكتب العلمية، 2015م. بيروت، لبنان.
  • كورونا والأوبئة بين العلم والخرافة. الأستاذ الربيز: وليد منصور عامر. مركز العلوم الطبيعية، 2022م. الكويت.
  • معجم الوبائيات. جون م. لاست. منظّمة الصحّة العالمية، المكتب الإقليمي لشرق المتوسّط. الطبعة الثالثة، 2000م.
  • أساسيات أمراض النبات والتقنية الحيوية. عماد الدين وصفى. المكتبة الاكاديمية، 1993م. عمّان، الأردن.