معجم المصطلحات الكبير
أَدَبِية
اللغة والأدب

صاغت المدرسة الشكلانية الروسية مصطلح الأدبية في النظرية الأدبية أوّل مرّة، وفي رأي ممثّليها، كان من المقرّر أن تكون الموضوع الرئيس للدراسات الأدبية. وقد عرّفها بالديك (2008) بقوله: «هي تنظيم اللغة من خلال الخصائص اللغوية والشكلية الخاصّة التي تميّز النصوص الأدبية عن النصوص غير الأدبية». بعبارة أخرى هي مجموع الخصائص اللغوية والشكلية الخاصّة التي تميز النصّ الأدبي عن غيره. تكون الكلمات اللغوية مفيدة تحديدا لأنّها لا تشير إلى شيء محدّد جدّا، بل تحدِّد مجموعة من المعاني والظواهر ذات الصلة، فكلمات مثل: الحب، الكراهية، العمل، التجارة؛ أو مثل: الموسيقى، الاستعبار، الفنّ، إلخ تحمل تشابهات عائلية مع بعضها البعض، لكنّها تستعمل في الأدب استعمالا فرديا للغاية، وإذا كان علينا أن نملك كلمات لكلّ تجربة فردية، فلن نتمكّن من التواصل مع بعضنا البعض حول تلك التجارب، لذلك نحن نحتاج لكلمات مثل «الأدبية» التي تشير إلى التشابه العائلي من هذا القبيل، لتمكيننا من توصيل المعلومات حول الفروق الفردية بين بعضها بعضا. يقول دافيد كارتر: «إن جميع المحاولات لتعريف الأدب أثبتت أنها جزئية؛ وبالتالي قليلة الفائدة العملية، أفضل ما تمّ التفكير فيه وقد قيل في الأدبية: اللغة المأخوذة خارج سياقها؛ اللغة المنظَّمة بطريقة خاصّة تميّزها عن استعمالاتها الأخرى؛ اللغة المستعملة لخلق عالم خيالي. لا يُعتبر أي من هذه التعريفات قريبا من أن يكون كافيا أو مفيدا، لأنّ أيّا منها لا يشير حصريا إلى اللغة الأدبية، شخص مريض عقليا، على سبيل المثال، يمكنه أيضا أن يخلق عالما خياليا».

لا تكمن السمات المميّزة للعمل الأدبي في الظروف الخارجية للأدب مثل التاريخ أو الظواهر الاجتماعية والثقافية التي قد يكون النصّ الأدبي أُنشئ في ظلّها، بل في شكل اللغة المستعملة. وبالتالي، تُعرَّف الأدبية بأنها الميزة التي تجعل عملا معيّنا عملا أدبيا. إنها تميّز العمل الأدبي عن النصوص العادية باستعمال بعض الأدوات الفنّية مثل: الجِناس، الوزن، القافية، أنماط الصوت، التكرار، المجازات النحوية والمعجمية، أشكال الكلام، إلى غير ذلك من السمات أو الخصائص اللغوية، في مقابل السِّمات الأخرى: كالمعرفية، والتعبيرية، والإقناعية، وقيمة الحقيقة في العمل الأدبي، الخ. وإذا كانت النظرية السردية قد اندفعت عموما نحو النصوص والقصص، وليس نحو الصيغ الأدبية الضيّقة الطابع، فإنّها قد تضمّنت عناصر أخرى من أجل التمييز بين ما هو أدبي وما هو غير أدبي، ففي العقود الأولى من القرن العشرين، على سبيل المثال، حاول النقّاد الشكلانيون الروس، مثل: فكتور شكلوفسكي، ويوري تينيانوف، ورومان ياكوبسون، تعريف العناصر الشكلانية الأدبية والتي تجعل الأدب أدبا بأنّها نتيجة النَزْلفة defamiliarization أو الغَوْرَبة ostranenie أي جعل اللغة تبدو غريبة عن صورتها المعيارية normative، وقد انتهى العديد من الشكلانيين إلى القول: إنّ الأدبية كانت دائما تأثيرا اجتماعيا تحدّده قوى تاريخية وثقافية، ومن ثمّ فإنّها ليست من الثوابت التي لا تتغيّر.

ومع ذلك، فإنّ هذا الانشغال بالطبيعة الخاصّة «للأدبية» يميّز المذهب الشكلاني الروسي عن الانشغال البيني بالنصّ والسرد في المدارس الأخرى للبنيوية؛ إذ يقول رومان ياكوبسون بوضوح إنّ هدف الشكلانية خلق علم له مجالاته البحثية الخاصّة، واستبعاد الممارسات البينية، حيث كتب في سنة 1921م عن الأدبية بهذه الطريقة: «موضوع الدرس في العلم الأدبي ليس الأدب، بل الأدبية، أي الخصائص التي تجعل عملا ما عملا أدبيا. ولقد كان المؤرّخون الأدبيون حتى الآن يفضّلون العمل مثل الشرطي الذي إذا أراد اعتقال شخص معيّن، عمد في أي لحظة متاحة إلى اعتقال أي شخص أو أشخاص تصادف وجودهم في البيت، إلى جانب السابلة في الشارع. وهكذا فإنّ المؤرخين الأدبيين استعملوا كلّ شيء، من الإناسة، إلى النِّفْسِياء، إلى السياسة والفلسفة. فبدلا من علم الأدب، إذا هم يخلقون كوكبة مجتمعة من مباحث علمية متباينة النسج». وقد طوّر أحد ممثّلي هذا الاتجاه في البحث الأدبي، يوري تينيانوف، مفهوم الأدبية، معتبرا أنّها نتيجة اللغة والتقاليد الأدبية والوضع التاريخي. يُحدّد الأدب من خلال بِنيته اللغوية، ولكنّ يجب على الباحثين أيضا التركيز على توضيح سبب تعريف بِنْية لغوية معيّنة على أنّها عمل أدبي في فترة معينة.

تعليق

الأدبية، مصدر صِناعي من الأدب، بمعنى الصفات التي يتّصف بها الأدب وتشكّل جوهره الأدبي وحالته الأدبية، على نحو يتميّز بهذه الصفات عن الكتابات الأخرى غير الأدبية، وتصدق عليه الصفة الأدبية. الأدبية هي طريقة لقياس مدى كون نصّ ما أدبيا، يمكن أن يكون الأدب أي قطعة من الكتابة، ولكن على وجه التحديد هو: النثر والشعر والاستعبار (الدراما). هناك ثلاثة مكوّنات للأدبية: أسلوب مميّز، والنزلفة، وتحويل تجربة عادية.

مصطلح قريب

لغة كلزية

literariness
لغة فرنسية

littérarité
مراجع

  • المباحث العلمية البينية. جو موران. ترجمة: محمد عناني. مؤسّسة هنداوي 2024م. يورك هاوس، شييت ستريت، وندسور، المملكة المتّحدة.
  • Literary Theory. David Carter. Pocket Essentials, 2006. Great Britain