معجم المصطلحات الكبير
أبْناء نُوح
الإسلام

أبناء سيّدنا نوح عليه السلام، الذين آمنوا به ونجوا من الغرق، ثلاثة: سام، وحام، ويافث. وهؤلاء هم الذين جاء ذكرهم في الأحاديث النبوية الشريفة، وفي التوراة أيضا. ومنهم خرجت كلّ البشرية. وفي تفسيرات القرآن الكريم نجد معنى قوله تعالى: «وجعلنا ذرّيتَه همُ الباقين» (الصافّات، 77)، أي ذرية نوح هم الذين بقوا في الأرض بعد مَهْلِكِ قومِه، وذلك أنّ الناس كلّهم من بعد مَهْلِك نوح إلى اليوم إنّما هم ذريّة نوح. وجاء في الحديث الذي رواه الحَسَن عن سَمُرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم في قول الله تعالى: «وجعلنا ذرّيتَه هم الباقين»، قال: حام، وسام، ويافث. أخرجه الترمذي، وأحمد، والروياني، والطبري، ثمّ فصَّل تلك الأجناس في حديث آخر أورده الترمذي في سننه، عن الحَسَن عن سَمُرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: وَلَدُ نوحٍ: سامُ، وحامُ، ويافثُ، فَوَلَدَ سامُ العربَ وفارس والروم والخير فيهم، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم، وولد حام القبط والبربر والسودان. رواه البزار في مسنده، وأبو بكر الزبيدي في الفوائد.

لذلك اتّفق النسّابة والمؤرّخون المسلمون قديما على أنّ الأرض عمّرت ببني آدم عليه السلام إلى زمن نوح، وأنّهم هلكوا بالطوفان الحاصل بدعوة نوح حين غلب فيهم الكفر وظهرت عبادة الأوثان، وأنّ الطوفان عمّ جميع الأرض، فكلّ الأمم الموجودة بعد نوح عليه السلام من بنيه دون من كان معه في السفينة، ورُوي أنّ هؤلاء: كانوا ثمانين رجلا هلكوا عن آخرهم ولم يعقبوا، ثمّ اتّفقوا أنّ جميع النسل من بني نوح عليه السلام، فيافث أكبرهم، وسام أوسطهم، وحام أصغرهم. ذكر ابن إسحاق أنّه كان ليافث سبعة أولاد، هم: كومر، ويقال: عومر، وياوان، ويقال: يافان وهو يونان، وماغوغ وهو طوبال، ويُروى قطوبال، وماشح، ويروى كاشح، وطبراش، وذكر البيهقي علجان، ووقع في كلام ابن سعيد زيادة سويل. قال ابن إسحاق: وكان لسام خمسة أولاد، أرفخشد، ولاوذ، وإرم، وآشور، وعيلام، وفي الإسرائيليات: أنّه كان لحام أربعة أولاد، هم: مصر وبعضهم يقول مصرائيم، وكنعان، وكوش.

  • الترك : من بني ترك بن كومر بن يافث، وقيل من بني طيراش بن يافث. ويدخل في جنس الترك القبجاق، والطغرغر، وهم التتر ويقال فيهم الططر بالطاء. والخوز، وهم التركمان من ولد تغرمان بن كومر بن يافث، فيما وقع في الإسرائيليات.
  • الديلم : من بني ماذاي بن يافث، والروم: من بني كثيتم بن يونان، وقيل من ولد رومي بن يونان بن علجان بن يافث. السريان: من بني سوريان بن نبيط بن ماش بن آدم بن سام على قول ابن الكلبي.
  • السودان : جميع أجناسهم من ولد حام. ونقل الطبري عن ابن إسحاق أنّ الحبشة من ولد كوش بن حام، والنوبة من ولد كنعان بن حام، والزنج من ولد كنعان أيضا، وكذلك زغاوة، وذكر ابن سعيد أنّ الحبشة من بني حبش، والنوبة من بني نوبة أو من بني نوبي، والزنج من بني زنج.
  • الصقالبة : عن الإسرائيليين من بني بازان بن يافث، وقيل من بني أشكونار بن توغرما بن كومر بن يافث.
  • الصين : قيل من بني صيني بن ماغوغ بن يافث، وقيل من بني طوبال بن يافث.
  • العبرانيون : من ولد عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام، قاله الطبري.
  • الفرس : قال ابن إسحاق من ولد فارس بن لاود بن سام، وقال ابن الكلبي: من ولد فارس بن طيراش بن آشور بن سام، وقيل: من ولد طيراش بن همدان بن يافث.
  • الفرنج : قيل من ولد طوبال بن يافث، وقيل من ولد ريغاث بن كومر بن يافث، وقيل من ولد طوغرما بن كومر بن يافث.
  • القبط : قال إبراهيم بن آصف شاه من بني قبطيم بن مصر بن بيصر بن حام؛
  • القوط : من ولد ماغوغ بن يافث؛
  • الكُرْد : من بني إيران بن آشور بن سام، وإلى هذا تنسب مملكة إيران التي كان فيها ملوك الفرس؛
  • الكنعانيون : منهم جبابرة الشام، من ولد كنعان بن حام؛
  • اللَّمان : من ولد طوبال بن يافث، مواطنهم بالغرب إلى الشمال في شمال البحر الرومي.
  • النَّبْط : أهل بابل في الزمن الأوّل. قال ابن الكلبي: هم بنو نبيط بن آشور بن سام؛
  • الهنود : في الإسرائيليات من ولد دادان بن زعما بن كوش بن حام، ونقل الطبري عن ابن إسحاق أنّهم من بنب كوش بن حام من غير واسطة؛
  • الأرمن : أهل الأرزمينية الذين بقاياهم ببلاد سيس، قيل هم من ولد قموئيل بن ناخور، امرأته ملكار بنت تارخ، وهو آزر، وأبوه ناخور، وهو من شاروغ، وتارخ هو أبو إبراهيم، وناخور أخو إبراهيم عليه السلام.
  • الأثبان : عند بعض النسّابين من ولد كاشح بن يافث.
  • اليونان : من ولد يونان وهو ياوان بن يافث، وقال البيهقي من بني يونان بن علجان بن يافث، وشذّ الكندي، فقال: يونان بن عابر، وذكر أنّه خرج من بلاد العرب مغاضبا لأخيه قحطان، فنزل شرقي الخليج القسطنطيني، واليونانيون، على ثلاثة أصناف: اللطينيون، وهم بنو اللطين بن يونان، والإغريقيون وهم بنو أغريقس بن يونان، والكيتميون، وهم بنو كيتم بن يونان، وإلى هذه الفرقة منهم يرجع نسب الروم فيما قيل؛
  • زويلة : أها برقة في القديم، يقال إنّهم من بني حويلة بن كوش بن حام؛
  • يأجوج ومأجوج : قيل من ولد ماغوغ بن يافث، وقيل من ولد كومر بن يافث؛
  • البربر : اختلفوا في أصلهم إن كانوا من العرب أو من غيرهم؛
  • العرب : هم على اختلاف قبائلهم وشعوبهم من ولد سام باتّفاق النسّابين، فبعضهم يرجع إلى لاوذ بن سام، وبعضهم إلى إرم بن سام، وبعضهم يرجع إلى قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام، وبعضهم يرجع إلى إسماعيل بن إبراهيم، وبعضهم يرجع إلى مدين بن إبراهيم، وإبراهيم من ولد عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام.

تعليق

كلّ الأخبار الواردة في أبناء نوح عليه السلام لا تصحّ، وكذلك الأحاديث النبوية التي تحدّثت عنهم، كلّها من الإسرائيليات، فالتوراة هي التي ذكرت هؤلاء وأسماءهم، أمّا القرآن الكريم فقد قال بخلاف ذلك، فمعنى قوله تعالى: «وجعلنا ذرّيتَه همُ الباقين» أنّ ذريّة نوحٍ هلكت كلّها مع الباقين، الذين قال تعالى في شأنهم «ثمّ أغرقنا بَعْدُ الباقين». الشعراء (120)، فالله تعالى يتحدّث في هذه الآيات عن نجاة نوح وأهله وهلاك ذرّيته كلّهم في الباقين، قال تعالى: «ولقد نادانا نوحٌ فلنِعْمَ المُجيبون (75) ونجّيناه وأهله من الكرب العظيم (76) وجعلنا ذرّيتَه هم الباقين (77)». الصافّات، أي أن ذريته هم الباقون في الكرب العظيم من أهله، مع الذين أغرقهم الله من قومه.

ثمّ إنّ الله تعالى ذكر بني إسرائيل على أنّهم ليسوا من ذرّية نوح عليه السلام بل هم ذرّية من حمل الله مع نوح، قال تعالى: «وآتينا موسى الكتابَ وجعلناهُ هدًى لبني إسرائيل ألاّ تتّخذوا من دوني وكيلا (2) ذرّية من حملنا مع نوحٍ إنّه كان عبدا شكورا (3)». الإسراء. قال بعضهم كما روى الطبري في تفسيره عن قتادة في قوله تعالى: «ذرّية من حملنا مع نوح» (الإسراء، 3)، بنوه ثلاثة، ونساؤهم، ونوح، وامرأته. أي ذرية أبنائه الذين حملهم نوح معه في السفينة هم الذين خرج منهم بنو إسرائيل. وهذا الفهم لا يصحّ، لأنّه يفترض أنّ نوحا لم يؤمن به أحد من قومه إلاّ أبناؤه الثلاثة ونساؤهم، ولا يصحّ أيضا مع قوله تعالى: «قلنا احمل فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلك إلاّ من سبق عليه القول، ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليل» (هود، 40). والمعنى: وأهلك إلاّ من سبق عليه القول من أهلك، وهم ذرّيته، الذين جعلهم الله هم الباقين مع الذين قال تعالى في شأنهم ثمّ أغرقنا بعد الباقين. ومن آمن من قومه وما آمن منهم إلاّ قليل.

في سورة يونس يذكر الله تعالى أنّ الذين آمنوا من قوم نوح هم الذين جعلهم الله خلائف من بعد أولئك الذين أغرقهم، قال تعالى: «فكذّبوه فنجّيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذّبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المُنْذَرين». (يونس، 73)، ولذلك خوطِب نوحٌ بالإفراد وخوطِب من معه بالأممية في قوله تعالى: «قيل يا نوحُ اهبِط بسلام مِنّا وبركات عليك وعلى أمم مِمّن معك، وأمم سنُمتّعهم ثمّ يمَسُّهم منّا عذاب أليم» (هود، 48)، فالبركات على نوح وحده من دون ذريّة منه يمكن أن تكون أمّة في المدى البعيد، أمّا الذين معه فقد خاطبهم الله بمآلهم الذي سيدركونه بطول الزمن وهو الأممية.

الطوفان ليس عامّا على الأرض كلّها، وقد حدث في مكّة المكرّمة، حيث جرت الفلك بنوح ومن معه من مكّة إلى عرفات، ومن عرفات عادوا إلى مكّة مرّة أخرى بعد أنّ انحسر الماء، لذلك قال تعالى: «ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم». (البقرة، 199). فالمراد بالناس هنا هم قوم نوح عليه السلام، لأنّه لم يُعرف في التاريخ أي إفاضة أفاضها الناس من غير ما يمكن أن يكون من أمر نوح ومن معه لمّا نزلوا من السفينة في عرفات وانتشروا في الأرض التي بارك الله فيها. ودليل ذلك قوله تعالى: «وقُلْ ربِّ أنزلني مُنْزلا مباركا وأنت خيرُ المُنزِلين» (المؤمنون، 29)، فالنزول المبارك لا يكون إلاّ في الموضع المبارك الذي هو البيت العتيق الذي جعله الله تعالى هُدى للعالمين وذلك لارتباطه بالبشرية الأولى، قال تعالى: «إنّ أوّل بيت وضع للناس للذي ببكّة مباركا وهدى للعالمين». (آل عمران، 96). وهؤلاء الناس الذين أفاضوا من عرفات هم الذين وضع الله لهم أوّل بيت للعبادة في مكّة، فقد شرّعت عبادة الصلاة في زمن نوح، وكان البيت الحرام أوّل مسجد بُني في الأرض. عاد نوح ومن معه إلى مكّة لأنّها أرض حرام، فلا تصحّ العبادة في غيرها، أمّا العبادة قبل نوح عليه السلام، فكانت القرابين، مثلما ذكر القرآن الكريم من قربان ابني آدم.

مصطلح قريب

مراجع

  • نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب. لأبي العباس أحمد بن علي بن أحمد، القلقشندي. دار الكتب العلمية، 2012م. بيروت، لبنان.