معجم المصطلحات الكبير
رافِضِيات
الإسلام

الرافضيات، هي كلّ ما دخل في الحديث النبوي والتفسير والتاريخ الإسلامي، ممّا افتراه الشيعة الرافضة من الكذب على الرسول عليه الصلاة والسلام، وعلى علي وأبنائه، وعلى الصحابة والتابعين رضي الله عنهم جميعا، ويدخل تحت مسمّى الرافضيات أيضا ما وضع من أحاديث زمن الفتنة الكبرى، فقد سلّت الطوائف المتحاربة سيف الحديث على بعضهم بعضا، فكان فيهم أمضى من الحديد. ذهب الشيعة أوّل مرّة إلى أنّ عليا هو الخليفة الشرعي للرسول عليه الصلاة والسلام، وأنّ الرسول قد نصّ عليه صراحة دون سواه، وعلى هذا القول تصبح طاعة علي من طاعة الرسول، وطاعة الرسول من طاعة الله، وبالتالي تصبح طاعة علي من طاعة الله أيضا، ولمّا كان التعيين إلهيا فإنّ عليا يكون بذلك معصوما وجوبا عن الكبائر والصغائر مثل الأنبياء، والنتيجة الحتمية لهذه المقدّمات هي انتفاء ختم النبوّة والرسالة، وانتفاء اكتمال الدين، واستمرار النصوص التشريعية بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام وبعد انقطاع الوحي، ولمّا أنكر الصحابة هذا التعيين، وقالوا إنّما ترك الرسولُ الأمرَ شورى بين المسلمين، كفّروا بهذا الإنكار كلّ الصحابة، وقالوا ارتدّوا عن الإسلام بجحدهم النصّ، إلاّ عدد قليل لم يتجاوز العشرة، مثل: عمّار، وسلمان، وأبي ذرّ، والمقداد، ولم يشفع للصحابة عند هؤلاء ثناء الله ورسوله عليهم، ولا صحبتهم لرسول الله وجهادهم في سبيل الله، وتضحياتهم وسابقتهم، وبذلهم أموالهم ومهجهم، ومفارقتهم للأهل والوطن، ونشرهم للإسلام في أصقاع العالم. ثمّ إنّ خلو القرآن ممّا يثبت دعواهم في النصّ على إمامة علي جرّهم أيضا إلى القول بتحريف القرآن الكريم، والغريب المدهش أنّ كلّ الملل والنحل والطوائف في العالم تعتقد الصحّة في كتبها المقدّسة وتعتقد في كتب غيرها الكذب والاختلاق والتحريف، إلاّ الرافضة فإنّهم يطعنون في القرآن الكريم الذي يعتبرونه كتابهم المقدّس ويقولون إنّه محرّف، ولا يدلّ ذلك إلاّ على أنّ دينهم ليس هو دين المسلمين، وقد أسلمتهم نتائج فرية النصّ على علي هذه التي افتروها أوّل مرّة إلى الكفر الصريح، وما كفر علي ولكنّ الشيعة كفروا، وغلوا فيه حتّى أصبح علي إلها، فهو الأوّل والآخر، والظاهر والباطن، وهو بكلّ شيء عليم، والعياذ بالله.

على الرغم من تصدّي علماء الإسلام لأكاذيب الشيعة وأباطيلهم، وفضحها وتبيان كذبها وزيفها، إلاّ أنّهم لم يتعرّضوا لأثرها في التفسير وروايات الحديث النبوي، وفي السير والتراجم، والتاريخ والثقافة الإسلامية، فكانوا هم أنفسهم ضحية تدليسهم وتلبيسهم، مثل ما فعل القاضي أبو بكر بن العربي في كتابه «العواصم من القواصم»، وشيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من كتبه ورسائله، لا سيّما في كتابه «منهاج السنّة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية»، والحافظ شمس الدين الذهبي في كثير من مؤلّفاته، مثل كتاب: «سير أعلام النبلاء»، و«تاريخ الإسلام ومشاهير الأعلام» و«ميزان الاعتدال في نقد الرجال»، والحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية»، والحافظ ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري شرح صحيح البخاري»، وكتابه «لسان الميزان»، وقد أدّى وجودها إلى كوارث عظيمة، منها: الطعن في الدين، والحطّ من قدر الصحابة رضوان الله عليهم، والانتصار لدينهم، والتشنيع على مخالفيهم من الطوائف الأخرى وتكفيرهم، وتزييف التاريخ بما يخدم عقيدتهم الضالّة. ثمّ إنّ الشبهات التي يثيرها الشيعة من كتب المسلمين والتي هي في الأصل من ثقافتهم وفكرهم ودسّهم، ما زالت إلى اليوم تفعل فعلها في إشغال المسلمين عن الردّ عليهم ونقد كتبهم وكذبهم وكفرهم، ثمّ إقناع المتشكّكين من طائفتهم بأنّ ما هم عليه من كفر وضلال هو محلّ اتفاق بينهم وبين عامّة المسلمين.

من أسباب دخول الرافضيات في الأحاديث النبوية والتفسير وفي رواياتنا التاريخية:

1- ظهور التعصّب لعلي والغلو فيه مبكّرا حيث حدث ذلك في حياته ومن أتباعه؛

2- قيام دول شيعية في العالم الإسلامي، فأصبحت مؤسّساتها وعلماؤها وكتّابها وإنتاجها الفكري أحد مصادرنا التاريخية، وأصبح موروثهم الثقافي الشيعي الرافضي رافدا من روافد الثقافة في مجتمعنا الإسلامي؛

3- كثرة كذبهم على مخالفيهم وتدليسهم لنصرة معتقدهم، فالرافضيات في الحديث والتفسير أكثر بكثير من الإسرائيليات، فهم لا يتورّعون عن الكذب، وأهل العلم يعلمون بالنقل أنّه ليس في فرق المسلمين أكثر تعمّدا للكذب وتكذيبا للحقّ من الشيعة، بخلاف غيرهم من الخوارج فإنّهم يَصْدُقون ولا يتعمّدون الكذب، وكذلك المعتزلة يتديّنون بالصدق، أمّا الشيعة فالكذب عليهم غالب، وقد عُرف عنهم، حتّى إنهم اتّخذوه دينا، يقول شريك بن عبد الله قاضي الكوفة الشيعي: «احمل العلمَ عن كلّ من لقيتَ إلاّ الرافضة، فإنّهم يضعون الحديث ويتّخذونه دينا»، وهم يقرّون بذلك، حيث يقولون إنّ ديننا التقيّة، وهو أن يقول أحدُهم بلسانه خلاف ما في قلبه، ولهذا كان أئمة الاسلام يعلمون تفرّدهم بكثرة الكذب. وقال مؤمّل بن أهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: نكتب عن كل صاحب بدعةٍ إذا لم يكن داعيةً إلا الرافضة، فإنهم يكذبون. قال أبو حاتم الرازي سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول، قال أشهب بن عبد العزيز: سئل مالك عن الرافضة فقال: لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون. قال أبو حاتم حدثنا حرملة قال سمعت الشافعي يقول: لم أر أحدا أشهد بالزور من الرافضة، والسبب في ذلك أنّ الرافضة خرجوا من جيش علي الذين قتلوا عثمان بن عفّان رضي الله عنه، وكان جلّهم من السفهاء والأراذل والأنذال، صفتهم قلّة التدين وانعدام الورع، فكانوا لا يمنعهم مانع عن اقتراف المحرّمات، وإتيان المنكرات، يسبّون عليا ويسبّهم، ويأمرهم فلا يطيعونه، ثمّ عدوا عليه في آخر المطاف فقتلوه. في الواقع لم تكن خلافة علي خلافة راشدة، ولم تقم له حتّى الشرعية بالخلافة بَلْهَ الرشد، وذلك لامتناع أغلب الصحابة رضوان الله عليهم عن مبايعته، ثمّ إنّ كلّ الطوائف الضالّة خرجت من أتباعه، مثل السبئية، والرافضة، والخوارج، والغلاة، والباطنية، وكانوا سببا قريبا أو بعيدا في نشأة فرق أخرى كالمرجئة، والقدرية، إلخ، بل اُتّخذ علي بالذات موضوعا للشرك بالله العظيم والانحراف عن العقيدة الإسلامية. هذه الثمار المريرة لخلافة علي والتي ما زلنا إلى اليوم نذبّح بها ونقتّل ونهجّر لا يمكن أبدا أن تخرج من خلافة راشدة.

4- الترخّص في الأخذ عنهم والاحتجاج برواياتهم، وقد اختلفوا في هذا على ثلاثة أقوال: أوّلها: المنع المطلق؛ ثانيها: الترخّص مطلقا إلاّ فيمن يكذب ويضع الحديث؛ ثالثها: التفصيل، فتُقبل رواية الرافضي الصدوق العارف بما يحدّث، وتُردّ رواية الرافضي الداعية إلى دينه ولو كان صدوقا. والواقع أنّ الرافضي الصدوق من المستحيلات مع الغيلان والعنقاء والخلّ الوفي، ومثال ذلك: المستدرك على الصحيحين الذي جمعه الحاكم النيسابوري ودسّ فيه الأباطيل، فقد جعله المسلمون أحد مصادر الحديث النبوي الشريف عندهم، يستشهدون به، ويعتدّون به في الاحتجاج، وهو في الأصل شيعي استدرك على البخاري ومسلم في القرن الرابع الهجري. وأخبر ابن الجزري عنه أعجوبة من اجتماع النقيضين، فقال: كان شيعيا، مع حبّه للشيخين. مثل ذلك أيضا، كتاب: «خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب»، الذي دَسَّه الرافضة على النسائي (ت 303).

5- نقل أخبار المسلمين من الكتب الشيعية ومن الروايات التاريخية الشيعية، مثل كتاب الأغاني لمؤلّفه أبي الفرج الأصفهاني فقد كان شيعيا، شوّه تاريخ المسلمين تشويها مخزيا، لا سيّما الخلفاء والأمراء، والعلماء وغيرهم، حيث صوّرهم في صورة من لا خلاق له ولا دين، ولا يردعهم رادع عن اقتراف المحرّمات وركوب الشهوات، ولشهرته وانتشاره اعتمده الكثير من الباحثين في التاريخ الإسلامي، وقد اعتمد على طريقة ماكرة، فيقرن الخبر بالإسناد حتّى يضفي على أخباره صبغة المصداقية، ويستطيع بذلك تمرير القدح في أعلام الأمّة وساداتها. ثمّ هو ينقل الأخبار المتواترة والحقائق التاريخية المعروفة، ثمّ يضيف أضعاف ذلك من الكذب والتدليس، فيعتقد القارئ أنّه يقرأ الحقّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقد اهتم المستشرقون بهذا الكتاب كثيرا واعتبروه مصدرا مهمّا لا يُستغنى عنه لمعرفة المجتمعات الإسلامية في تلك الحقب التاريخية. ومثال ذلك أيضا كتاب «غاية المرام» لهاشم البحراني، الذي ذكر صاحبه نصوصا كثيرة يزعم نقلها عن كتب أهل الإسلام، وكلّها تؤيّد سفاهات الشيعة وشذوذهم، وبنوا على ذلك أنّه لا خلاف بين أهل الإسلام والشيعة، فردّد بعض المسلمين هذه المقالات جهلا بحقيقة حالهم، ولم يعرفوا أنّ وراءها تدبير وتخطيط أمضوا في تنفيذه قرونا. ثمّ إنّ المسلمين جمعوا المادّة التاريخية إلاّ أنهم لم يكتبوا تاريخا، والقليل الذي كتبوه أخذوه عن الشيعة وأخبارهم الملفّقة، بينما الشيعة لم يجمعوا المادّة التاريخية إلاّ أنّهم كتبوا في التاريخ عن طريق الأخباريين والمنجّمين، فكتاب ابن أعثم الكوفي الشيعي من أوسع ما كتب في الفتوح، وكذلك كتاب «مروج الذهب ومعادن الجوهر» للمسعودي، فقد كان المسعودي شيعيا يرى عليا أفضل الصحابة جميعا، ويصف مخالفيه من الصحابة بالعثمانية ويتّهمهم بالطمع.

6- كما أنّ من الطرق التي دخلت منها الأباطيل الرافضية، طريق الوعّاظ والخطباء وأئمّة المساجد، وفي خطب الجمعة والدروس والمواعظ، فهم لا يتثبّتون من الأحاديث والأخبار قبل روايتها وذكرها للناس، فالكثير منهم لا يميّزون بين الصحيح والضعيف، ثمّ إنّ عامّة الناس يتلقّون هذه الأحاديث والأخبار المكذوبة من هؤلاء الخطباء والوعّاظ على أنّها صحيحة، فيدخل الكذب على الإسلام وعلى أئمّته من ذلك، وعلى خلفاء الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته. من الأمثلة عن ذلك قصّة وأد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنته، التي يردّدها الأئمة على المنابر، وهي قصّة لا وجود لها في أي من كتب الحديث والسير والتاريخ المعروفة، مصدر هذه القصّة الباطلة بعض كتب الشيعة، فقد ذكرها الرافضي نعمة الله الجزائري في كتابه «الأنوار النعمانية».

7- حمل القرآن الكريم وعيا يفوق وعي العرب قديما، حيث كانت الذهنية البدوية تمجّد العصبية القبلية وترفع الناس أو تخفضهم بناءً على نسبهم، لم يستطع العرب بهذه الذهنية أن يرتفعوا إلى مستوى الخطاب العالمي للقرآن الكريم، الذي جاء بالرسالة الخاتمة والتي هي في الأصل لأهل الأرض جميعا، حيث استرجع القرآن الكريم التراث الديني للبشرية كلّها، استرجعه بالنقد والتصحيح، وأخرج منه الموروثات القبلية القديمة، وصاغه على شريعة عالمية أسماها الهدى ودين الحقّ. وقد كان الفهم البدوي للقرآن مصادما لمبادئ الإسلام الأساسية وحقائقه الكبرى، كختم الرسالة، وإقفال النصوص بانقطاع الوحي، والتفاضل بالتقوى، وتدشين طور عالمية الخطاب، والمجتمع الراشد، القادر على اكتشاف السبل والمناهج لتسيير شؤونه بنفسه وَفْق توجيه من آيات القرآن الأزلية في سياحاته الوجودية على الأرض.

من المفاهيم التي تنتشر في المجتمعات المسلمة وهي مفاهيم رافضية:

1- أهل البيت :

عند الشيعة هم فئة معيّنة من أقارب الرسول عليه الصلاة والسلام ونسله، وفيهم نزلت آية التطهير على زعمهم، وهم: علي بن أبي طالب، وفاطمة الزهراء، والحسن والحسين، وتسعة من نسل الحسين بن علي. وقد تبنّى المسلمون هذا المفهوم الرافضي الباطل الذي يناقض ما جاء به القرآن الكريم، فالشيعة يعتمدون على الكذب وكثرته في ترويج مفاهيمهم الباطلة، فإذا كان المشهور أن جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازي في عهد هتلر هو الذي أسّس مدرسة إعلامية دعائية تعتمد على الكذب والمزيد منه، فإنّ الرافضة في واقع الأمر هم من ابتكر هذا الأسلوب أوّل مرّة وطبقوه قبل غوبلز بأربعة عشر قرنا. زوجات النبي هنّ أهل بيته، ويدخل معهن بنات الرسول جميعا وأبناؤه الذكور، وهم: القاسم وإبراهيم وعبد الله، وليس فاطمة وحدها والحسن والحسين، وكذلك علي بن أبي العاص من زينب بنت النبي، وأخته أمامة، وعبد الله بن عثمان بن عفّان من رقيّة. أمّا علي رضي الله عنه فليس من أهل البيت، فهو صهر النبي وقد كان في إمكانه أن يطلّق فاطمة رضي الله عنها وعندئذ تنتهي العلاقة بينه وبين بيت الرسول، ولو كان من أهل البيت لزواجه من فاطمة، لكان عثمان بن عفّان أولى بهذه الصفة منه، لأنّه كان يلقّب بذي النورين لزواجه من بنتي رسول الله، وكذلك سيكون أبو العاص بن الربيع لزواجه من زينت أيضا. وقد أصبح معنى أهل البيت يطلق حتى على أبناء الحسن والحسين وذرّياتهما وهذا باطل، بل هناك من يزعم أنّه من أهل البيت إلى اليوم، وبهذه الصفة ملكوا رقاب العباد وطلبوا من الناس أن تحني رؤوسهم إليهم.

2- آل البيت :

قالوا إنّ معناها أهل البيت، وهذه الصيغة الإسنادية لا توجد في العربية، فأهل البيت سكّانه، وآل الرجل أتباعه.

3- آل محمّد :

من التدليس الرافضي تغيير مفهوم آل محمّد إلى ذرّية علي، فقال المسلمون إنّ آل محمّد صلى الله عليه وسلّم هم ذرّيته خاصّة، ومنهم من قال هم ذريته وأزواجه، وذهب فريق إلى أنّهم بنو هاشم فقط الذين حرّمت عليهم الصدقة، ومنهم من قال بنو هاشم وبنو عبد المطلب، ومنهم من قال أمّته، ورجح عندهم أنّ آل النبي صلى الله عليه وسلم: بنو هاشم وبنو عبد المطلب وزوجاته صلى الله عليه وسلم. وفسّروا الصلاة الإبراهيمية في التشهّد على أنّ آل محمّد هم علي وفاطمة والحسن والحسين وذريّاتهما وكلّ من كان من قرابة الرسول. نجد هذا المعنى أيضا في قولهم: اللهمّ صلّ على محمّد وآله وصحبه، وكأن الصحب ليسوا من الآل أو هم خلاف الآل. وبهذا المفهوم القبلي قاد العبّاسيون الثورة على بني أمّية بشعار «الرضا لآل محمّد» سنة 132، ثمّ استأثروا بالخلافة لأنفسهم من دون باقي أبناء عمومتهم الطالبيين، بل استباحوا دماءهم وأعراضهم وشتّتوا شملهم ما وجدوا لذلك سبيلا، مثلما استأثر بها الأمويون قبلهم من بين كلّ القريشيين، بدعوى أحقّية قريش في حكم المسلمين دون سواهم. والصحيح أنّ آل محمّد هم المؤمنون به أتباعه إلى يوم القيامة، ومثل هذا آل فرعون، فقد جاء ذكرهم في القرآن الكريم في قوله تعالى: «إنّ فرعون وهامان وجنودَهما كانوا خاطئين» (القصص، 8)، هؤلاء الذين كانوا خاطئين هم آل فرعون الذين قال الله تعالى في شأنهم: «ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب» (غافر، 46).

4- أية التطهير :

نزلت في زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام وهنّ أهل بيته، لأنّ صدر الآية هو «يا نساء النبي» (الأحزاب، 30) والضمائر المذكورة في الآية كلّها للتأنيث، وكذلك كلّ الخطاب: أقمن، وآتين، وأطعن؛ كلّها للتأنيث، إلاّ ضمير: عنكم، ويطهّركم، جاء مذكرا لتغليب دخول الرسول عليه الصلاة والسلام في الخطاب، وحضوره، ولغلبة التذكير على التأنيث في اللغة، من ذلك الخطاب الذي جاء في سورة هود لامرأة إبراهيم: «قالوا أتعجبين من أمر الله، رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، إنّه حميد مجيد» (73)، فقد جاء الضمير مذكّرا لحضور إبراهيم عليه السلام. ومعنى الآية أنّ الله يريد منكنّ أن تتطهّرن بهذه الأمور التي فرضها الله عليكن، فهي السبيل للتطّهر وذهاب الرجس، لأنّهنّ من عرض الرسول عليه الصلاة والسلام، فأراد الله منهن الطهارة على الخصوص. ثمّ إنّ الله أوجب الطهارة على كلّ أحد من المسلمين وأراد رفع الرجس عنه، ودليل ذلك آية الوضوء وفيها «ولكن يريد ليطهِّركم» (المائدة، 6). إلاّ أنّ الشيعة الروافض جعلوها في علي وفاطمة والحسن والحسين بغير وجه حقّ، وتبعهم المسلمون في ذلك.

أخرج الترمذي، وابن جرير، والطبراني، وابن مردويه حديث الكساء عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت. في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجلّلهم بكساء، وعلي خلف ظهره، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت أم سلمة: فأنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت على مكانك وأنت على خير. وهذا الحديث لا يصحّ لأنّه جعل الآية في معنى الطهارة التكوينية، أي أنّ الله هو الذي طهّرهم وأذهب عنهم الرجس، من دون تكليف، أي أنّهم مثل الحجر والشجر مطهّرة بإرادة ربّها، في حين أنّ الآية تكليفية أي كلّ من النبي وأهل بيته وأفراد أمّته مكلّفون برفع الرجس وإتيان الطهارة باختيار أنفسهم لا بالإجبار، ثمّ إنّ الآية نزلت في نساء النبي، وكان الصواب أن يكون الحديث: «اللهم هؤلاء من أهل بيتي»، وليس: «اللهم هؤلاء أهل بيتي»، فهذه الصيغة التخصيصية تخرج نساء النبي من أهل البيت، ومن الواضح أنّ واضع الحديث من العوام، فقد فهم الآية كفهم العوام لها، والذي كان شائعا ومنتشرا في زمن الوضع، فقد ردّ هذا الفهم ابن عبّاس رضي الله عنه، حيث أخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر من طريق عكرمة، عن ابن عباس في قوله : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصّة، وقال عكرمة: من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

5- آية المودّة :

هي قوله تعالى : «قل لا أسألكم عليه أجرا إلاّ المودّة في القربى» (الشورى، 23)، وجاء في تفسير بن كثير (4\112) أثر عن ابن عبّاس رضي الله عنه، قال: لما نزلت هذه الآية: قل لا أسألكم عليه أجرا إلاّ المودّة في القربى، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودّتهم؟ قال فاطمة وولداها. وفي سند هذا الحديث حسين الأشقر كما قال ابن كثير، ضعيف متّهم بالرفض. آية المودّة من سورة الشورى، وسورة الشورى مكية نزلت أثناء الدعوة بمكة قبل زواج علي بفاطمة وقبل ولادة الحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين. ومعناها: لا يحملني الإلحاح في دعوتكم حبّ الرياسة أو المال، وإنّما يحملني عليه المودّة لعشيرتي وأهلي وصلة الرحم التي بيني وبينكم والوفاء لكم، وأنّ هذه المودّة ستدوم بيني وبينكم لو آمنتم بدعوتي. ثمّ كيف يتصوّر عاقل أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام يطلب أجرا، وهو الذي قال الله تعالى له: «قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلّفين» (ص، 86)، وكلّ الرسل قالوا لأقوامهم مثل هذا، فنوح قال: «فإن تولّيتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلاّ على الله» (يونس، 72)، قال هود: «يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلاّ على الذي فطرني» (هود، 51)، وقال صالح: «وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلاّ على ربّ العالمين» (الشعراء، 145)، وبهذا اللفظ قال لوط وشعيب في السورة نفسها.

6- فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة :

بنات الرسول عليه الصلاة والسلام أسلمن، وكلّهن مع أبيهن في الجنّة، وتخصيص فاطمة رضي الله عنها بأنّها سيدة نساء أهل الجنة، حديث رافضي، لا فضيلة لفاطمة على بقية أخواتها، بل إنّ زينب رضي الله عنها تفضل فاطمة لأنّها أصيبت في الرسول، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «هي أفضل بناتي أصيبت في» على ما جاء في الصغير للبخاري (1\7). وزاد الحاكم النيسابوري الشيعي من دسّ الرافضة. «فبلغ ذلك علي بن الحسين، فانطلق إلى عروة، فقال: ما حديث بلغني عنك تحدثه تنتقص فيه حقّ فاطمة؟ فقال: والله ما أحبّ أن لي ما بين المشرق والمغرب، وأني أنتقص فاطمة حقّا هو لها، وأما بعد، فلك أن لا أحدث به أبدا. قال عروة: وإنما كان هذا قبل نزول آية: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله».

وجاء في كتاب شرح سنن ابن ماجة للراجحي، ج: 7، ص 13: [حدثنا محمد بن موسى الواسطي حدثنا المعلى بن عبد الرحمن حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما». هذا الحديث ضعيف من أجل المعلى بن عبد الرحمن قيل: إنه وضّاع، لكن الحديث ثابت من غير طريقه. البوصيري: هذا إسناد ضعيف، المعلى بن عبد الرحمن اعترف بوضع سبعين حديثا في فضل علي بن أبي طالب، قاله يحيى بن معين فالإسناد ضعيف. نسأل الله العافية، هذا مما أخذ على ابن ماجة رحمه الله، فإنه يروي عن هؤلاء، لكن مقصوده أن يأتي بما ورد في الباب، ثم قال البوصيري: وأصله في الترمذي والنسائي من حديث حذيفة بغير زيادة: (وأبوهما خير منهما)].

من الطرق الأخرى، ما جاء في سنن الترمذي، كتاب المناقب، 7: [حدّثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن بن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة». حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا جرير ومحمد بن فضيل عن يزيد نحوه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وابن أبي نعم هو عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي الكوفي ويكنى أبا الحكم]. هذا الحديث لا يصحّ لأنّه فيه يزيد بن أبي زياد، قال عنه ابن عدي: هو من شيعة أهل الكوفة، ومع ضعفه يُكتب حديثه. وقال ابن فضيل: كان من أئمة الشيعة الكبار، وذكره ابن المبارك فقال: ارم به. هذا على ما جاء في كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، الجزء السادس، ص 130.

7- الطعن في رجالات المسلمين :

يقول الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال، ص 385، عن المختار بن أبي عبيد الثقفي: «لا ينبغي أن يُروى عنه شيء، لأنّه ضالّ مضلّ. كان يزعم أن جبرائيل عليه السلام ينزل عليه، وهو شرّ من الحجّاج أو مثله». نلاحظ أنّ الذهبي يساوي بين هذا الكذّاب الذي يزعم أن جبريل يتنزّل عليه، وبين عظيم من عظماء المسلمين وهو الحجّاج بن يوسف الثقفي رضي الله عنه الذي قام بأهمّ إصلاح للمصحف الشريف بعد إصلاح عثمان بن عفّان، إذ أكمل أمورا لم يتمّ إنجازها من قبل، مثل إعجام الحروف المتشابهة، وتحديد ترتيب السور وعددها وعدد الآيات والكلمات والحروف حتّى لا يُزاد شيء في القرآن الكريم، وتجزئة القرآن من تخميس وتعشير، إلى غير ذلك. الحجاج بن يوسف الذي فتح الهند والسند، ونشر الإسلام في آسيا، وأقام دولة المسلمين، وحارب الحركات الباطنية والغلاة، وأخمد الفتن التي كادت أن تذهب بالإسلام وبحقائقه الثابتة، يتساوى عند الذهبي مع هذا الكافر السفيه، الذي اتّخذ كرسيا يستنصر به تشبيها بتابوت بني إسرائيل، وأظهر غير ذلك من الادّعاءات والتفاهات والسفاهات! لا شكّ أنّ اعتقاد الذهبي في الحجاج جاء من تدليس الرافضة والباطنية وما ألبسوه عليه.

ذكر البلاذري في كتابه جمل من أنساب الأشراف، قال: وحدّثني إسحاق وبكر بن الهيثم، قالا: حدثنا عبد الرزاق بن همام، أنبأنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل يموت على غير ملّتي، قال: وكنت تركت أبي قد وُضِع له وَضُوء، فكنت كحابس البول مخافة أن يجيء، قال: فطلع معاوية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا هو. الحديث مع بطلانه عند أهل الحديث يناقض القرآن الكريم في نسب الملّة للرسول عليه الصلاة والسلام، في حين أنّ الملّة ما ذُكرت في القرآن إلاّ مقرونة بإبراهيم عليه السلام، وما كان الرسول عليه الصلاة والسلام ليخالف القرآن، لذلك لا يصحّ هذا الحديث، فقد أخذه العبّاسيون عن الرافضة للطعن في خصومهم من بني أمّية، وفي تفسير الطبري، حدثنا أبو كريب قال: حدثنا يونس قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال حدثني سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدراس على جماعة من يهود، فدعاهم إلى الله، فقال له نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد؟ فقال: «على ملّة إبراهيم ودينه». فقالا فإن إبراهيم كان يهوديا! فقال لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فهلموا إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم! فأبيا عليه، فأنزل الله عز وجل: «ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون» إلى قوله: «ما كانوا يفترون».

8- التاريخ ليس دينا :

جعل الروافض من أحداث التاريخ دينا، وأصبحنا نقول مثل قولهم، فصار القول بخطأ علي نصبا عند المسلمين ومروقا من الدين، فإذا كان علي عند الشيعة معصوما، فهو عند المسلمين يكاد أن يكون معصوما، ولا يكتمل إيمان امرئ إلاّ بلعن يزيد، أمّا شتم الحجّاج بن يوسف والطعن فيه فمن الباقيات الصالحات. وقد امتدّ الكفر عند الرافضة إلى الإمساك عن لعن الخلفاء الراشدين، في حين أن القرآن يأمرنا، بطي صفحة الماضي والتوجّه نحو المستقبل وليس إلى الوراء، وذلك في قوله تعالى: «تلك أمّة قد خلت لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم ولا تسألون عمّا كانوا يعملون» (البقرة، 141).

9- الأحاديث تحثّ على التقاتل بين المسلمين :

التثبّت من الأحاديث التي تحثّ على قتال المسلمين لبعضهم البعض، مثل قتال الخوارج، لا سيّما أنّ من قاتلهم أوّل مرّة هم أتباع علي، فقد جاء في الصحيحين عشرة أحاديث تأمر بقتالهم، أخرج البخاري منها ثلاثة، وأخرج مسلم سائرها، بينما لم يأت أي حديث صحيح يحضّ على قتال الرافضة على الرغم من كفرهم الصريح وصدّهم عن سبيل الله. بل جاءت الأحاديث عن التحذير من الفتن ومن السعي فيها، منها: «إنّه ستكون فتنة، وفُرْقَة، واختلاف، فإذا كان ذلك فأتِ بسيفك أُحُدا، فاضرب به عُرْضَه، واكسر نبلك، واقطع وَتَرك، واجلس في بيتك» مسند الإمام أحمد. وأيضا: «ستكون فِتَن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تَشرَّف لها تستشْرِفْه، فمَن وجد منها ملجأ أو مَعاذا فليَعُذ به» متّفق عليه. وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض» من حديث في صحيح البخاري.

مثال عن الدسّ الرافضي، الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه: «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق». لا شكّ أن حديثا كهذا يكون قد وُضع في زمن الفتنة الكبرى، وجاء لحضّ شيعة علي على قتال الخوارج، ويدلّ في الوقت نفسه على أنّ هناك من لا يريد القتال لتجنّب الفتنة أو لاعتقاده بخطأ قتال المسلمين لبعضهم البعض، وأن الحقّ قد يكون مع شيعة عثمان أو مع الخوارج، فجاء الحديث في سياق الدعاية السياسية والحرب النفسية، والتأكيد على أنّ عليا ومن معه يقاتلون عدوهم بشرعية دينية صحيحة، والملاحظ أنّ قتال الخوارج جاء بعد التحكيم الصحيح الذي كان بين علي ومعاوية، وحين أصيبت شرعية خلافة علي في الصميم، فجاء الحديث ليؤكّد من طرف خفي على صحّة شرعية شيعة علي في مقابل شرعية شيعة عثمان. زيادة على ذلك فإنّ الخوارج قد سُمّوا أوّل مرّة بالمارقة فوُضع الحديث فيهم على هذه الصفة، بينما سمّوا هم أنفسهم بالشُّراة أي الذين باعوا أنفسهم لله ربّ العالمين.

ومثله الحديث «إنّ منكم من يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قاتلتهم على تنزيله»، قال الطحاوي: فهؤلاء أهل التأويل الذين قاتلهم علي وأصحابه (أهل حَروراء)... وهذا من الخصائص التي اختصّ الله عز وجل بها خلفاء رسوله الراشدين المهديين رضوان الله عليهم، فكانت هذه من خصائص علي وهو منهم، ولم تكن لغيره منهم. المعروف أن عليا لم يقاتلهم على التأويل، بل أعطى الخوارج عهدا، فقال: «ولا نقاتلكم حتّى تقاتلونا» على الرغم من أن عليا لم يعط هذا العهد نفسه لأهل الشام ولجيش طلحة والزبير، فقد قاتلهم بالذين قتلوا عثمان قبل أن يقاتلوه، وسعى إليهم ولم يسعوا إليه.

وجاء في كتاب الإمامة وقتال البغاة في تلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني، حديث: «أنّه صلى الله عليه وسلّم قال لعمّار: تقتله الفئة الباغية» نقل ابن الجوزي عن الخلال في «العلل» أنّه حكي عن أحمد أنّه قال: قد رُوي هذا الحديث من ثمانية وعشرين طريقا، ليس فيها طريق صحيح، وحكي أيضا عن أحمد وابن معين وأبي خيثمة أنّهم قالوا: لم يصحّ. والمعقول أن كثرة رواته جاءت من وضعه في زمن الاقتتال لكثرة من سمعه، ولِمَا كان له من أثر في شدّ عزائم شيعة علي، وتثبيط خصومهم من أهل الشام. وجاء في المستدرك للحاكم النيسابوري الشيعي: «حدّثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب، ثنا أبو البختريُّ عبيد الله بن محمّد بن شاكر، ثنا أبو أسامة، ثنا مسلم أبو عبد الله الأعور، عن حَبَّة العُرَني، قال: دخلنا مع أبي مسعود الأنصاري على حذيفة بن اليمان أسأله عن الفتن، فقال: دوروا مع كتاب الله حيث ما دار، وانظروا الفئة التي فيها ابن سُمّية فاتّبعوها، فإنّه يدور مع كتاب الله حيث ما دار، قال: فقلنا له ومن ابن سمّية؟ قال: عمّار، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول له: لن تموت حتّى تقتلك الفئةُ الباغية، تشرب شَرْبَة ضَياحٍ تكون آخر رزقك من الدنيا». قال الحاكم: هذا حديث صحيح عال لم يخرجاه، وقال الذهبي صحيح.

هذا الحديث لا يصحّ. فيه حبّة العرني، قال عنه ابن الجوزي: حبّة لا يساوي حبّة فإنّه كذّاب. ونُقل عنه أنّ عليا كان معه يوم صفّين ثمانون بدريا، وعلّق الذهبي على ذلك بقوله: هذا محال. قال ابن حبان: كان غاليا في التشيّع، وقال الذهبي: من غلاة الشيعة، وقال ابن حجر: كان غاليا في التشيّع. الراوي عنه مسلم الأعور ضعيف (تقريب التهذيب: ت 6641). ثمّ إنّ هذا الحديث يتعارض مع الأحاديث الأخرى الصحيحة التي تحضّ على اعتزال الفتن والنأي عن الاقتتال، والدوران مع القرآن يكون باتّباع قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافّة ولا تتّبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين» (البقرة، 208). ولو جئنا لتحديد الفئة الباغية لوجدناها في قتلة عثمان رضي الله عنه، الذين استولوا على جهاز الدولة الرسمي ونقلوا السلطة لمن أرادوا.

تعليق

يقول الربيز: محمد عجاج الخطيب، في كتابه، الوجيز في علوم الحديث ونصوصه، ص، 416- 417: لم ينقل أحد يُعتدّ به أنّ أحدا من رجال الحديث أو غيرهم تقرّب من خلفاء بني أميّة بوضع ما يُرضي ميولهم من الحديث، وطبيعي أن يتقرّب بعض المرائين إلى الطبقة الحاكمة في بعض العصور بوضع ما يرضيهم من الحديث، وقد حدث هذا في عهد العبّاسيين فقد أسند أبو عبد الله الحاكم عن هارون بن أبي عبيد الله عن أبيه، قال: «قال لي المهدي: ألا ترى ما يقول لي مقاتل؟ قال: إن شئت وضعت لك أحاديث في العبّاس، قلت: لا حاجة لي فيها».

مصطلح قريب

مراجع

  • محقّقون في تفسير القرآن الكريم. سفيان بن الشيخ الحسين، طبعة خاصّة متعوّثة. طبع على مطابع ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.
  • يسألونك، الجزء التاسع عشر. الأستاذ الربيز: حسام الدين بن موسى عفانة. شركة كتاب للنشر والتوزيع الإلكتروني، 2014م.
  • الدر المنثور. جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي. الجزء 12، الصفحة 37.
  • السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني. وليد الأعظمي. دار الوفاء، 1408م. الإسكندرية، مصر.
  • مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة، الجزء الثاني. ناصر بن عبد الله بن علي القفاري. دار طيبة، 1413. الرياض، المملكة العربية السعودية.
  • الحجج الدامغات لنقد كتاب المراجعات. أبو مريم بن محمّد الأعظمي. دار الصدّيق، صنعاء، الجمهورية اليمنية، دار الإيمان، الإسكندرية، مصر. الطبعة الأولى: 1425.
  • أثر التشيّع على الروايات التاريخية في القرن الأوّل الهجري. الربيز: عبد العزيز محمد نور ولي. 1415.
  • تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، الجزء 4. أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني الناشر: دار الكتب العلمية، 2014. بيروت، لبنان.