معجم المصطلحات الكبير
حِجاج
الإعلام والاتصال

سلوك إنساني تتمثّل خصوصيته في تشغيل استدلال داخل مقام تواصلي إقناعي بعيدا عن العنف، يسعى إلى حمل الفرد أو المتلقّي أو الجمهور على تبنّي سلوك ما أو مشاطرة رأي معيّن. واندراج الحِجاج ضمن مقام تواصلي يعني أنّه يتضمّن مُرْسِلا يُطلق عليه لفظ عام هو الخطيب، ورِسالة التي تتكوّن من الرأي المُشكّل لغرض الإقناع، ثمّ المتلقّي أي الآخر أو الجمهور، فالحجاج إذن يقع في المثلث التقليدي «مرسِل، رسالة، متلقٍّ» الذي تدرسه علوم الاتصال بأشكالها المختلفة، ويعني أيضا أنّه يتمّ عن وعي حيث يُفترض في الشخص الذي يخضع للفعل الحجاجي أنّه يدرك اندماجه في موقف تواصلي، كما أنّ الحجاج لا يروم نقل الخبر أو جعله مشتركا، بل يروم نقل الرأي وتبادله. ويُشكّل الإقناع بشكل عام بديلا عن العنف الجسدي، لأنّه يمكن استعمال القوّة للحصول من الآخر على فعل غير مرغوب فيه، ولا يعني هذا بالضرورة خلو الإقناع من العنف الفكري، فالدعاية التي اُستعملت بشكل واسع طوال القرن العشرين الميلادي على سبيل المثال اعتمدت على طرائق منظّمة من أجل إكراه الجماهير، إلى درجة أنّه اُستعملت في وصفها عبارة مجازية هي «اغتصاب الجماهير» لذلك يوجد فرق كبير بين فعل الحجاج وبين فعل التطويع conditionnement أو فعل التلاعب manipulation.

يقول «فيليب بروطون» إنّه ليس مهمّا في الحجاج ما تتضمّنه الرسالة من صواب أو خطأ «لأنّ المحاججة تتوجّه إلى الآراء أكثر ممّا تتوجّه إلى الحقائق والأخطاء، فالحقائق والأخطاء متروكة للعلوم التي تمتلك أحسن الوسائل لإثباتها، حيث يرتكز استقلال الحِجاج على قسمة بين الآراء من جهة وبين الملفوظات القابلة للبرهنة عليها من لدن العلوم من جهة أخرى. وعلى هذا الأساس نعيد الاعتبار للرأي الذي لا يُعدّ اعتقادا هشّا أو حقيقة غير صلبة، ولكنّه يُعدّ حقّا مادّة حياتنا اليومية، وعماد انخراطنا في الحياة وأساس اختياراتنا الأكثر جوهرية. إنّ الإيمان بفضائل المساواة، على سبيل المثال، والذي يؤسّس اختيارات عديدة في كلّ المجالات (المساواة في التصويت في المجال السياسي) ليس حقيقة ولا كذبا بل هو رأي قوي». ويتميّز الحجاج بثلاثة عناصر كما ذكرها «فيليب بروطون» هي: 

  • 1- يُفيد الحجاج أولا التواصل؛ فنحن في موقف تواصلي يتضمّن مثل أي موقف من هذا النمط، رسالة ومشاركين أي حركية حقيقية.
  • 2- ليس الحِجاج إقناعا مفروضا، وهو يفترض قطيعة مع التطويع والتلاعب، أي التأثير القسري بالمعنى الذي لا يكون فيه التطويع أو التلاعب قائما على وسائل الإقناع، أي رفض تحقيق النجاعة الاتصالية بأي ثمن، فالحجاج قضية أخلاقية.
  • 3- الحجاج معناه البرهان، أي اقتراح الرأي على الآخرين وتزويدهم بالأدلّة الكافية بجعلهم يذعنون له.

مصطلح قريب

لغة فرنسية

argumentation
مراجع

  • الحجاج في التواصل، فيليب بروطون. ترجمة محمد مشبال وعبد الواحد التهامي العلمي. الطبعة الأولى 2013م. المركز القومي للترجمة.