جهود إعلامية لإقناع الأفراد والجماعات بفكرة أو رأي، أو لكسب تأييدها بصورة مطلقة وغير مشروطة، أو لتغيير سلوكها من خلال تغيير لآرائها واتجاهاتها السائدة، أو صنع أنماط جديدة لها من السلوكات بما يتوافق مع الأهداف والمصالح الخاصّة لأحد الأشخاص أو لأحدى الجماعات أو لأحدى المؤسّسات العامّة أو الخاصّة. ويرى الخبراء أن الخطط الدعائية في الحروب تركّز على إقناع الشعوب والمقاتلين وتشجيعهم على خوض الحروب، بينما تُعتبر «الحرب النفسية» دعاية أيضا إلاّ أنّها موجّهة لتثبيط جهود طرف من الأطراف في الاستمرار في القتال وإقناعه بأنّ مصلحته تقتضي التخلّي عن الصراع. لا يُستعمل لفظ الدِّعاية في مجالات ما يُعرْف أنّه ذِهْنِيائي أي «إيديولوجي» إلاّ بوجود بدائل تسعى الدعاية لزعزعتها أو القضاء عليها، أمّا الدعوة إلى معتقد معيّن في نطاق هيمنته من دون بديل لا يمكن أن يكون دعاية، إنّما هو من قبيل التعليم.

الدِّعاية من الادّعاء وهو المطالبة بالشيء حقّا أو باطلا، أو هي مشتقّة من الفعل دعا يدعو بمعنى الاستمالة والترغيب والتحبيب والحثّ ونشر القيم والمبادئ، ويُعدّ هذا المصطلح من أقدم المصطلحات الإسلامية، وقد تكرّر في رسائل الرسول عليه الصلاة والسلام في حملته الإعلامية الكبرى إلى العالم في السنة السادسة، وهي على ذلك كلمة طيّبة في أصلها وتحمل معنى ساميا، إلاّ أنّ الاصطلاح الحديث قد غيّر معناها وخصّ الدعاء إلى الإسلام بكلمة الدعوة والقائم عليها بالداعية والجمْع دُعاة ويُسمّى القائم بالدعاية دعائي والجمع دعائيون، والغريب في الأمر أنّ الدعاية في اللغات الغربية ارتبطت أوّل مرّة بنشر الدين أيضا، حيث يرى معجم إكسفورد أنّ الكلمة الكلزية propaganda مأخوذة من الإيطالية الحديثة concrigato de propaganda fide بمعنى مجمع نشر العقيدة، وهي اللجنة التي أنشأها البابا أوربان الثامن 1633م لتتولّى مهمّة التبشير الخارجي بالدين المسيحي. وهذا التغيّر في المعنى لكلمة دعاية يُشبه ما حدث لكلمة عِصابة في العربية فالمراد بها قديما الجماعة من الناس كيفما كانت ثمّ أُطلقت اليوم على مجموعة منظّمة من الأشخاص تربطهم علائق ثقافية واجتماعية واحدة، تنخرط في الأعمال الإجرامية.