معجم المصطلحات الكبير
سُكاك
الحتاكة

السُّكاك، الغلاف الهوائي الذي يحيط بالأرض، والمرتبط بها على نحو دائم بسبب التأرّض، يدعّم الحياة النباتية والحيوانية بشكل حاسم، ويساعد في الحفاظ على متوسط ​حرورة السطح التي تبلغ زهاء 14مْ، ويحدّد الطقس والمناخ، ويمنع الإشعاع الضارّ القادم من الشمس، ويشكّل حِضارا ضد الزُّجال الساقط من السماء على الأرض، ومَحاطا لنقل الطاقة والماء، ومَحاطا للتخلّص من النفايات، وله مقدرة كبيرة على امتصاص الملوّثات وتخفيفها وإزالتها، إلاّ أنّ هذه المقدرة ليست غير محدودة. وهو النظام الذي تشكّل خصائصه الكيميائية وحركاته الحركوتية، وعملياته الريزيائية موضوعَ الأرصاد الجوية. للسكاك تأثير ملحوظ على كيميائية مواد سطح الأرض، فهو مَحاط لنقل الموادّ المهمّة للتفاعلات الحيكيائية المتمثّلة في عمليات التجوية، ويمثّل جزءا مهمّا من الدورة الحيكيائية لعدد من العناصر الكيميائية. يتميّز السكاك بالحركة الدائمة ويمتدّ إلى أعلى زُهاء 750 إقاس، يعيش البشر والكائنات الحيّة الأخرى في قعر هذا المحيط الهوائي الكبير، وينتهي وجودهم بانتهاء وجوده أو فساده، يختلف عن الكُباء (الغلاف المائي) الذي يغطّي معظم سطح الأرض.

يحتوي السكاك على خليط من عدّة أمهجة، كما يحتوي أيضا على بخار الماء، وأسوال معلّقة، وجزيئات صلبة من الغبار، يتكوّن الهواء أساسا من خليط ثابت تقريبا من 78% زُعات، و21% كُثار، ويمثّل هذان المُهاجان من أمهجته 99% من حجم الهواء قرب الأرض، أي كمّية الزعات تقارب أربع مرّات كمّية الكُثار. أمّا المكوّنات الرئيسة الأخرى فهي: اللُّغاب، وثنائي ذرب السخام، وكمّيات ضئيلة من الغازات الأخرى، إلى جانب الغبار، وحبوب الطلع، وشوارد الملح، وغيرها من المكوّنات. يتباين تركيز بخار الماء وأحادي ذرب السخام حسب الموقع والظروف، فكمّية بخار الماء مرتبطة أساسا بالحرورة، ويعتبر أحادي وثنائي ذرب السخام ناتجين ثانويين للاحتراق غير المكتمل، وتركيزاتهما في المناطق المأهولة مرتفعة بشكل غير طبيعي.

 

764.jpg 

المكوّنات المُهاجية الأساسية للهواء: الزعات (78%)، والكثار (21%)، والأمهجة الخاملة (0,9%)، وثنائي ذرب السخام (0,03%)، وبخار الماء.

 

يعتبر الزعات أكثر الأمهجة وفرة في السكاك، ولكنّ دوره محدود نسبيا في العمليات الجوّية والحِياوية، يعمل الزعات كجزيء رائد في تكوين الزَّوْعَت (نترات النيتروجين)، الذي يحتاجه النبات في صنع «البروتينات»، والأحماض «الأمينية»، واليخضور، والأحماض النووية، وكلّها ضرورية للعِضاوات، يحدث تحوّل الزعات إلى زَوْعت نتيجة العمليات الكيميائية والحياوية معا. أمّا الكثار فهو ضروري لكلّ الكائنات الحيّة، ومهمّ أيضا في ناحية أخرى، لأنّه يكوّن طبقة الجُثار (الأوزون) التي تحمي كلّ الكائنات الحيّة من الأشعة الفَوْخَزية عالية الطاقّة التي تصيب سكاك الأرض وسطحها. على العكس من الزعات والكثار، فإنّ تركيز ثنائي ذرب السخام منخفض نسبيا زهاء 0,036% أو 360 باج (جزء من بلف جزء من الحجم). تعتمد الحياة على السخام، وثنائي ذرب السخام هو مصدر هذا السخام، ثمّ إنّ ثنائي ذرب السخام هو المادّة الخام التي تتكوّن منها النباتات الخضراء، الغذاء الذي تقوم عليه حياة العضاوات، وبسبب قدرة ثنائي ذرب السخام على امتصاص الحرارة، فإنّه يعمل على المحافظة على توازن مناسب لحرارة الكُراضة (الكرة الأرضية)، ومع ذلك يعتبر مساهما رئيسا في تأثير أمهجة الدفيئة. يعدّ بخار الماء الجزء الأكبر المرئي في السكاك، ومثله ثنائي ذرب السخام، أحد أمهجة الدفيئة التي تمتصّ الطاقة الحرارية المشعّة من سطح الأرض، فبخار الماء يتكثّف ليكوّن كتلا كبيرة من الهواء تحتوي على المطر، أمّا بقية الأجزاء المُهاجية الأخرى، فهي أمهجة خاملة، ولا يبدو أن لها تأثيرا أو دورا في السكاك.

 

755.jpg  

من مستوى السطحر إلى ارتفاع يقدّر بزهاء 80 إقاسا، هناك ثلاث طبقات متميّزة:

  • 1- الزَّاحوب، من 0 إلى 12 إقاس، حيث تنخفض الحرورة مع الارتفاع لتصل إلى -60مْ؛
  • 2- الطابوق، ما يقرب من 12 إلى 45 إقاس، يتميز في البداية بثبات حرورته (زهاء -60مْ) ثم ارتفاعها إلى 0مْ؛
  • 3- الغافور، زهاء 45 إلى 80 إقاسا، حيث تنخفض الحرورة بشكل مطّرد من 0مْ إلى زهاء -100مْ. وراء هذه الطبقات يتواجد الحارور والشارود.

 

يمتص السكاك الإشعاع الشمسي ويشتّته ويكّسره. تسخّنه الشمس بشكل متعادٍ أي غير متساو، وهو محلّ حركات الحمل الحراري (الرياح) والعمليات الريزيائية المختلفة (التبخر والتكثّف والتبلور) التي تشكّل دراستها علم الأرصاد الجوية. تتكوّن الحركة المستمرّة للسكاك من أبعاد أفقية (الرياح) وأخرى عَمَدية (التيّارات الهوائية) في آن واحد، وتنتج هذه الحركات من الطاقة الحرارية الناتجة عن تسخين سطح الأرض وجزيئات الهواء من فوقه، تتدفّق الطاقة من الساي إلى القطبين، وذلك بسبب التسخين المتباين لسطح الأرض، وتؤدّي حركة الهواء دورا مهمّا في نقل طاقة الجزء الأسفل من السكاك، ممّا يجلب التأثيرات الدافئة للربيع، والصيف، والبرودة الشديدة للشتاء، وقد ارتبطت كلّ أنواع الحياة على الأرض بحركة الهواء، فالرياح تحمل حبوب الطلع لتكاثر النباتات، وتشمّ الحيوانات الروائح لتحصل على مواقع أعدائها، كما شكّلت الرياح القوّة الدافعة للسفن الشراعية، وتؤثّر الرياح على سطح الأرض بالكثح، وعلى تيّارات المحيطات، وتؤثّر على البيئة بنقل الملوّثات كالجزيئات المشعّة.

لا يتميّز السكاك بالأمهجة المكوّنه له وحدها، بل يتميّز أيضا بالظواهر الريزيائية التي تحدث فيه أو منه، والتي تشمل الكثافة والحرارة والضغط والإشعاع الحراري. من ناحية الكثافة والكتلة، فإنّ السكاك يمتدّ إلى أعلى مع انخفاض مستمرّ في الكتلة في وحدة الحجم (الكثافة)، وتنخفض تركيزات الجزيئات المكوّنة له مع الارتفاع، تظهر الكثافة العالية قرب سطح الأرض بسبب الثقالة الأرضية وضغط الهواء، لذلك تقع نصف كتلة السكاك تحت ارتفاع 11 إقاس، ويقع زهاء 99 منها تحت ارتفاع 30 إقاس. يصبح الهواء رقيقا جدّا في الارتفاعات العالية. أمّا الحرارة فيمكن تمييز أربع طبقات حرارية في الخمسمئة إقاس الأولى من السكاك انطلاقا من سطح الأرض، وفوق ذلك يصبح الهواء نادرا بشكل يمنع قياس الحرورة.

 

  • 1- في طبقات الزاحوب أي بين سطح الأرض و10 إقاس، تنخفض الحرورة دوريا بمعدل ستّ درجات مع كلّ ألف قاس ارتفاعا لتصل عند قمّة هذه الطبقة إلى -50 درجة فوق القطبين، و-80 درجة عند الساي، كذلك ينخفض الضغط الجوي تدريجيا من معدّل 101,3 ضاغ (باسكال) عند الأرض إلى 40 ضاغ فوق القطبين، و10 ضاغ فوق الساي؛
  • 2- في الطابوق، أي بين 10 و50 إقاس، تكون الحرورة ثابتة وتتراوح بين صفر و20 درجة عند ارتفاع 50 إقاس؛
  • 3- في الغافور، أي بين 50 و85 إقاس، يصبح الهواء نادرا وتنخفض الحرورة نحو -90 درجة في أعلى الطبقة؛
  • 4- في الحارور، بين 85 و500 إقاس يُعتقد أن الحرورة ترتفع إلى 1000 درجة عند ارتفاع 300 إقاس، علما أنّ القياسات في هذه الطبقة تُعدّ صعبة.

 

756.jpg 

إنّ العوامل الأساسية التي تحدّد حالة الطقس، تحدث في الطبقة التي تمتدّ على مقربة من سطح الأرض على مسافة 20 إقاسا، تقع نصف كتلة السكاك في الواقع على مسافة تقلّ عن 5,5 إقاس، علما أنّ 99% منها يتواجد في الثلاثين إقاسا الأولى، في الطبقة الأولى التي تحتوي على الحاتون homosphere، والتي تمتدّ بين سطح الأرض إلى ارتفاع 90 إلى 100 إقاس، يتميّز تركيب الهواء الكيميائي بالثبات بفعل التخمير الدائم: 78% زعات و21% كثار، أمّا نسبة 1% المتبقّية، فتتألّف من كمّيات قليلة من الأمهجة الأخرى، اللغاب، وثنائي ذرب السخام، والخُمان، والهُفات، والجُزال، والهُبان، إلخ. تحتوي طبقة الحاتون أيضا على أجسام صلبة تعود أصولها إلى الأرض كالغبار، وبلورات الملح، والرماد البركاني الذي يتواجد أحيانا على مسافة 15-20 إقاسا، تحتوي هذه الطبقة أيضا على مقدار من بخار الماء، يتراوح حجمه بين 0,1 و4% من حجم الهواء الجافّ، وذلك وَفْقا للمناطق، وفيها يوجد الجاثور الذي هو طبقة الجُثار، ويُشكّل الحاتون المادّة الأساسية للدراسات الحيكيائية. تحتوي طبقة الباتول heterosphere، إضافة إلى الزعات، على أمهجة خفيفة كالهُفات والهُبان، في حين لا يتواجد الكُثار بشكله الجزيئي إنّما بشكله الذرّي. أخيرا، ابتداءً من 750 إقاس، تمتد طبقة النازوح exosphere حيث الفراغ، باستثناء بعض جزيئات الهفات والهبان التي تتطاير نحو الفضاء.

تعليق

السُّكاك، لغة، الهواء بين السماء والأرض. الزاحوب troposphère، من الزَّحَب، وهو الدنو والقرب، لأنّه الطبقة التي تلي سطح الأرض والتي يعيش فيها الإنسان، والزاحوب، الجزء الأسفل من السكاك، يقع مباشرة فوق سطح الأرض حيث تنخفض الحرورة مع زيادة الارتفاع، باستثناء بعض الطبقات المحلّية ذات الانعكاس الحروري؛ يمتد هذا الجزء من السكاك على ارتفاع يبلغ زهاء 9 إقاسات عند القطبين، و17 إقاسا من السَّاي. الزَّحَب tropopause، الحدّ الأعلى للزاحوب. الطابوق stratosphere، جزء من السكاك يقع فوق طبقة الزاحوب، حيث تزداد فيه الحرورة قليلا، أو تظلّ ثابتة مع زيادة الارتفاع، يمتد هذا الجزء من السكاك إلى ارتفاع يصل إلى زهاء 50 إقاسا. الطَّبَق stratopause، الحدّ الأعلى للطابوق. الحاتون منطقة من السكاك تقع أسفل الحَتَن turbopause، حيث يكون مزيج المكونات الرئيسة متجانسا، وبالتالي يحتفظ بالتركيب الكيميائي نفسه في جميع النقاط. من الاحتتان وهو التساوي في الشيء، حيث لا يخالف بعضه بعضا.

مترادف

غِلاف جَوّي

مصطلح قريب

لغة كلزية

atmosphere
لغة فرنسية

atmosphère
مراجع

  • علم وتقانة البيئة، المفاهيم والتطبيقات، (سلسلة كتب التقنيات الاستراتيجية والمتقدّمة). فرانك ر. سبيلمان، نانسي إ. وايتنغ، ترجمة: الصدّيق عمر الصدّيق. مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والمنظّمة العربية للترجمة. الطبعة الأولى، 2012م. بيروت لبنان.
  • المناخ. لور شيميري، ترجمة: زينب منعم. سَتَلة كتاب العربية 150. الثقافة العلمية للجميع (ثقافتك). مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الطبعة الأولى، 1435، 2014م. الرياض، المملكة العربية السعودية.