العمق في الأرض المقابل لزيادة الحُرُورة بمقدار 1 درجة مئوية: في المتوسط 25-30 قاسا في المناطق القارّية الحالية ذات التدفق الطبيعي للحرارة، وهي أعلى قليلا في قيمتها تحت المحيطات من قيمتها تحت القارّات، وأقل بكثير في مِيهات الرَّاين Upper Rhine Graben، وربّما أقلّ في عصر ما قبل «الكمبري»، فالدرجة الحراضية هي معدّل ارتفاع الحرورة الأرضية تبعا للعمق، أي الزيادة الملاحظة على حرورة الأرض كلّما جرى الابتعاد عن السطح وازداد التوغّل في العمق. تختلف هذه الدرجة من مكان إلى آخر على سطح الكُراضة، ليس هذا صحيحا بالنسبة للمناطق البركانية أو أماكن النشاط الناري الانكراسي، ومناطق الحَمّات حيث لا يُتوقّع اختلاف كبير عن المألوف فحسب، بل إنّه صحيح أيضا بالنسبة للمناطق الهادئة البعيدة عن النشاط البركاني، ويتفاوت هذا التدرّج في حرارة الأرض في المناطق الهادئة كذلك، ما بين أقلّ من 10 درجات إلى 50مْ لكلّ عمق مقداره إقاس واحد، وتقتصر القياسات المباشرة لدرجة الحراضة على أعماق سطحية جدّا من الأرض، إذ أنّ أعمق الآبار التي حفرت لا تزيد إلاّ قليلا عن 1000 قاس.
يُتوقّع أنّه إذا استمرّ تزايد الحرورة وَفْق هذا المعدّل، فستصل الحرورة في مركز الأرض على عمق 6500 إقاس إلى 2 بَلْف درجة، وهي درجة أعلى من حرورة سطح الشمس، لذلك يُعتقد أنّ معدّل هذا التزايد الحراري، في معظم أعماق الأرض أقلّ بكثير من هذه الدرجة. تتراوح حرورة الحمم البركانية بين 900-1200مْ، فإنّ معدّل ازدياد الدرجة الحراضية مهما كان ضئيلا سوف يصل بالمواد الصخرية إلى الصهورة على أعماق قليلة نسبيا، وتصبح حرورتها في الأعماق الكبيرة، أعلى بكثير من درجات انصهارها، وما يبقيها في الحالة الصلبة خضوعها لضغوط عالية، ولا يبدأ فيها الانصهار الجزئي إلاّ عندما ينحسر عنها الضغط بنتيجة اقترابها من سطح الأرض أو حدوث فوالق عميقة. زيادة على هذا فإنّ الدرجة الحراضية ليست منتظمة على الدوام في المنطقة الواحدة، لكنّها قد تتغيّر تغيّرا مفاجئا عند عمق معيّن، (على سبيل المثال: في بعض آبار منطقة تشيشاير بأنكلترا، يتغّير التدرّج الحَراضي طفرة واحدة إلى الضعف عند عمق معيّن)، وسبب الاختلاف بين منطقة وأخرى حسب بعض التفسيرات، هو أنّ كمّيات الحرارة التي تسري من الأعماق تختلف من مكان إلى آخر، وأنّ تغيّر الدرجة الحَراضية عند المناطق الهادئة يرجع أساسا إلى اختلاف معامل التوصيل الحراري لطبقات الصخور عند كلّ مكان، وهذا يفسّر أيضا التغيّر في الدرجة الحراضية من عمق إلى آخر في حالة ما إذا كان التوصيل لإحدى الطبقات الصخرية أجود منه في الطبقة الأخرى، وتتوقّف كمّية الحرارة التي يوصلها الجسم الصلب على حاصل ضرب الدرجة الحَراضية خلال الجسم في معامل توصيله الحراري.
كمّية الحرارة التي تسري من باطن الأرض إلى قعر المحيط لا نعلم عن شأنها كثيرا، الذي نعلمه على وجه اليقين أنّ كمّية الحرارة المنبعثة من الأرض عن وحدة المساحة من سطحها ضئيلة جدّا، وفيما عدا أماكن الظواهر الخاصّة كالبراكين والحمّات وهي الينابيع الحارّة، تنتقل الحرارة بمعدّل زهاء جزء من بَلْف من السعرات في الثانية لكلّ قو2 (سم2) من سطح الأرض، وذلك على سطوح القارّات حيث قيست هذه الكمّية من الحرارة، وتقلّ هذه الكمّية ببضع آلاف المرّات عن متوسّط كمّية الحرارة التي تصل من الشمس لكل قو2 من سطح الأرض، وواضح أن طقسنا وحرارة جوّنا تتوقّفان على الشمس من دون الحَراضة الباطنية. يحتمل أنّ معظم الحرارة التي يتبيّن تسرّبها إلى السطح لا تنتقل إليه إطلاقا من نُواية الأرض الساخنة، ولكنّها تتولّد في القَشْرَض (قشرة الأرض)، وقد برزت هذه الفكرة وتبلورت عقب اكتشاف العناصر ذات النشاط الإشعاعي، وجاءت مؤيّدة للرأي القائل بأنّه من الممكن أن تكون الحَراضة في تزايد مستمرّ وليست في تناقص. يعتقد العلماء أن مصادر الحرارة في القشرة الأرضية، متأتّية من التفكّك الإشعاعي للعناصر، فكمّيات صغيرة من الحرارة تنشأ باستمرار في كلّ الصخور العادية، وذلك نتيجة تحلّل عناصر الشُّناج (الراديوم)، والثماج (اليورانيوم)، والغُسار (الثوريوم)، والبُثان (البوتاسيوم)، وغيرها من الذرّات المشعّة التي تتواجد في الصخور، ويظهر النشاط الإشعاعي قويّا لا سيّما في الصخور المَرْوانية، وهي الصخور التي تكوّن جزءا كبيرا من مَحاش القارّات. وكذلك من الحرارة الناجمة من احتكاك الكتل الصخرية الهائلة بالعمليات الرهاصية والتفاعلات الكيميائية.