معجم المصطلحات الكبير
مُعْجَم
اللغة والأدب

مَسْرد أو قائمة يحملها وعاء ورقي أو نهجل رقمي، تضمّ أكبر عدد من الوحدات الدِّجامية unités lexicales مقرونة بالشرح لمعانيها الحقيقية أو المجازية، مع أمثلة على استعمالاتها المختلفة في بعض الأحيان، على أن تكون هذه الوحدات مرتّبة ترتيبا خاصّا إمّا على حروف الهجاء وإمّا على الموضوعات. لا تعتبر المعجمات ملخّصات للمعرفة حول اللغة، ولا هي تمثيل للغة نفسها أو للكفاءة اللغوية، ولكنها أعمال ناتجة من نشاط التعداد أو الإحصاء والتصنيف الهِجائي للكلمات، لذلك فدعواها مرتبطة بالجانب التطبيقي أكثر من كونها دعوى علمية. يعتبر المعجم جزءا من وصف اللغة (بمساعدة القواعد النحوية)، وله أهمّية كبيرة في ظاهرة صياغتها، وفي تثبيت حالاتها التاريخية، وفي جرد كلمات اللغة الشفوية البحتة (كما هو الحال مع بعض اللغات الأفريقية أو لغات التانئين). تعتبر أي لغة على أنها موصوفة بمجرد أن نمتلك جردا لكلماتها، بالإضافة إلى القواعد النحوية التي تشير إلى تركيبها وصرفها. تقوم المعجمات بدور رئيس في فهم الجماعات اللغوية وتقديرها لذاتها، تلك الجماعات ذات اللغات الموحّدة المتطوّرة، فهي تساعد بشكل كبير على التوحيد اللغوي، فمعجمات اللغة الواحدة تجسّد مفردات اللغة وتحوّلها إلى أشياء، لتصبح ملكا مادّيا محتملا لكلّ عضو في الجماعة اللغوية. المعجم الكامل هو الذي يضمّ كلّ وحدة دِجامية في اللغة مصحوبة بشرح معناها واشتقاقها وطريقة نطقها وشواهد تبيّن مواضع استعمالها مع صور وتناجيل تدعّم الشرح والتفسير.

يضمّ المعجم ثلاثة عناصر، هي : (1) التَّسْمانية corpus/nomenclature، قائمة محدودة بالمداخل المشروحة، ومنها يتحدّد صنف المعجم، فالتي تعالج الكلمات المختلفة المستعملة في لغة معيّنة تُسمّى بالمعجمات اللغوية العامّة، أمّا التي تضمّ الكلمات المتخصّصة والمتعلّقة بمجال من مجالات المعرفة كالطبّ، والحَيْونة، والنَّبْتَنة، الخ، فتُسمّى بالمعجمات المتخصّصة؛ (2) الترتيب، وهو المنهج أو النظام الذي اعتمده المؤلّف في تنظيم المداخل وترتيبها، وعلى أساسه يصل القارئ إلى مطلبه. هناك طرق مختلفة ومناهج كثيرة لترتيب المادّة المعجمية، بعد جمعها من المصادر الشفوية أو تقميشها من المصادر الكتابية، إمّا عن طريق الترتيب الهجائي، والذي يضمّ العديد من الأنواع، وإمّا عن طريق الموضوعات أو الأبواب أو الحقول؛ (3) التعريف، الشرح الذي يقدّم حول كلّ مدخل، ويشتمل على المعلومات الضرورية المتعلّقة بالدلالة والتركيب والصرف، والتطور، والصوت، الخ.

المعجمات التي تركها لنا أئمة اللغة العربية قديما هي كُتُب لغوية تُعالج الكلمة، فتشرح مدلولها وجميع ما يتّصل بها، أو تُجمع الكلمات المتّصلة بمعنى من المعاني أو بموضوع واحد في رسالة أو كتاب أو باب من كتاب، فيُسمّى النوع الأوّل، معجم الألفاظ أو المعجم المُجنّس على حدّ تعبير ابن سيده، ويُسمّى النوع الثاني، معجم المعاني، أو المعجم المُبوّب.

(1) المعجم المُجنّس أو معجم الألفاظ : هو الذي يعتمد على الترتيب الهِجائي للألفاظ أيا كان لون هذا الترتيب ومداره، سواء أبني على نظام مخارج الحروف، كما فعل الخليل ومن استنّ سنّته، أم سار حسب الأبجدية أو الأبتثية في ترتيبهما المألوف أو اتّبع نظام القافية. ومن أشهر هذا النوع من المعجمات، العين للخليل بن أحمد (توفي سنة 175)، وجمهرة اللغة لأبي بكر بن دريد (توفي سنة 321)، والصحاح للجوهري (توفي سنة 400).

(2) معجم المعاني، أو معجم الموضوعات، أو المعجم المُبوّب dictionnaire thématique : وهدف هذا اللون من المعجمات أن الكلمات التي تدور في فلك واحد وتختصّ بموضوع معيّن، تُجعل في رسائل أو كتب أو أبواب كتب. من أبرز ما ظهر من الكتب في هذا الاتجاه، كتاب المطر لأبي زيد بن أوس الأنصاري (توفي سنة 215)، وكُتُب الدارات، والنبات والشجر، والنخل والكرم، والوحوش، للأصمعي (توفي سنة 216)، والغريب المصنّف لأبي عبيد (توفي سنة 224)، والمخصّص لابن سيده (توفي سنة 458). المرجّح أنّ اللغويين سبقوا إلى المعجمات المبوّبة، قبل المعجمات المجنّسة، لأنّها أبسط أنواع الجمع. ويصلح هذا النوع من المعجمات للذين يشتغلون بالاصطلاح وتنمية اللغة وإثراء موادّها، لأنّها تسهّل الوقوع على الألفاظ المناسبة للموضوع المدروس، وتعطي علل التسمية والوصول بيسر إلى الربط بين المصطلحات الموضوعة للمعاني المستحدثة ومعانيها اللغوية، إلاّ أنّها صعبة لمن يبحث عن المعنى اللغوي للكلمة الواحدة، لأنّ الكثير من الكلمات تأتي لمعانٍ كثيرة، والباحث لا يعرف في أي الأبواب يجد مطلبه.

(3) معجم الصِّيَغ : يقوم هذا النوع من المعجمات على خصيصة من خصائص العربية، وهي الاشتقاق، الذي يمنح الكلمات المشتقّة سَمْتا معيّنا، وشكلا قالبيا محدّدا، ومن هنا اهتمّت بعض المعجمات العربية بإيراد الصيغة، سواء أكانت للفعل، أمّ للاسم، أم صيغة مشتركة بين الأفعال والأسماء، ثمّ تذكر جميع الأفعال الواردة في اللغة على هذه الصيغة، وتذكرها فعلا فعلا، وأمام كلّ فعل دلالته اللغوية، وكذلك تفعل مع الأسماء، ومع الصيغ الأخرى المشتركة بين الأسماء والأفعال، ولعلّ «ديوان الأدب» للفارابي خير ما يمثّل هذا النوع من المعجمات.

(4) المعجم الموسوعي dictionnaire encyclopédique : لا تسرد ما يسمى بالمعجمات الموسوعية الأسماء الشائعة فحسب، بل أيضا أسماء الأعلام والأسماء الإراضية، وهي تشمل التطورات الموسوعية المتعلقة بجميع مجالات المعرفة الممكنة، من الطب إلى العِلْمِياء، بما في ذلك النبتنة والريزياء النووية. أو الأدب أو التياسة. طموحها هو تحديد المفاهيم على نحو تقترب فيه من الموسوعات بالمعنى الدقيق للكلمة، لكنها تتميز بالتزام معجم صارم بالشمولية؛ كما أنها تتعامل مع الكلمات الأخرى التي لا تتطلّب شرحا موسوعيا، والتي يتبعها في العادة تعريف مقتضب.

(5) القاموس dictionnaire bilingue : هو فئة أخرى من المعجمات المتخصّصة ثنائية اللغة، لا تعالج كلمات لغة ما وتعريفاتها، بل تقرن كلمات لغة من اللغات أو عبارات بترجماتها في نظام لغة آخر. قد يكون القاموس، أحادي الاتجاه، أي يترجم من لغة إلى أخرى، وقد يكون ثنائي الاتجاه أي يسمح بالترجمة من لغة أولى إلى أخرى ثانية ومنها إلى الأولى، تستعمل هذه المعجمات ثنائية اللغة وأحيانا ثلاثية اللغة كوسيلة للفهم والترجمة، فهي تعطي عموما، بالإضافة إلى الدلائل السيميائية اللازمة لجرد معاني الكلمات (التي تكون في القليل النادر أحادية الصوت وأحادية المعنى)، مؤشّرات صوتية تدلّ على الطريقة السليمة لنطقها، بالإضافة إلى مجموعة من المعلومات حول مستويات اللغة. يُقال عن المعجم ثنائي اللغة القاموس الثنائي، والمعجم ثلاثي اللغة بالقاموس الثلاثي.

(6) المُعْجَم التأريخي dictionnaire historique : معجم يتتبّع ظاهرة التطوّر الدِّجامي وقوانين التغيّر التي تطرأ على الألفاظ في جانبها الصوتي أو الدلالي أو الاثنين معا، والتأريخ لظهور الدُّجُم، وتتتبّع استعمالاتها عبر الحقب والمجالات المعرفية المختلفة، والبيئات الإراضية. العلم الذي يهتمّ بهذه الظواهر اللغوية يُسمّى بالدِّجامة التأريخية، أو الدِّجامة التطوّرية.

(7) المعجم التأثيلي dictionnaire étymologique : معجم يهتمّ ببيان أصول الكلمات وانتقالها من لغة إلى أخرى، مع إيضاح دلالاتها، وطرائق تحوّل الكلمات والقوانين التي تتحكّم في هذا التحوّل، كما قد يقدّم المعجم التأثيلي بعض الاقتراحات المتعلّقة بأصول الكلمات غير المؤكّدة أو المتنازع عليها أو المجهولة الأصل، وربّما يصدر حكما ترجيحيا بشأنها. يعتمد التأثيل على الوثائق المكتوبة، وفي حال انتفاء وجود هذه الوثائق، فإنّه يلجأ إلى منهج علم اللغة المقارن، وعلى ذلك يعتبر المعجم التأثيلي تحصيلا للبحث في علم اللغة التاريخي.

(8) البُوجاد abécédaire : كتاب تعليم المبادئ الأولى للقراءة والكتابة، حيث تكتب فيه الحروف على ترتيب الأبتثية مع بعض الرسوم أو الكلمات التي يكون أوّل حرف منها هو الحرف المكتوب، تحتوي البواجيد المصمّمة حديثا للأطفال على قائمة محدودة من الكلمات، والتي هي من بين أولى ما يجب أن يعرفه الأطفال ويتقنوه.

(9) المُعجم البَصَري dictionnaire visuel : معجم مُنَجَّل ومبوّب يعالج ألفاظ الحضارة بشكل أساسي مع بعض المصطلحات العلمية المرتبطة بالظواهر الطبيعية، حيث يبتعد تماما عن المفاهيم المجرّدة ولا يركّز إلاّ على الأشياء القابلة للتمثيل التصويري، فيورد أسماء الأشياء المرتبطة بالحياة العامّة من دون شرح لها، أو تفسير لغوي مكتوب، ثمّ يُقرنها بالتَّناجيل أو الصور التي تقوم هي نفسها مقام الشرح والتفسير، من أجل هذا يُعرّف بأنّه معجم مُنجَّل dictionnaire illustré. أمّا إذا دعت الضرورة إلى استعمال التعريفات لبعض مفرداته فإنّ ذلك يكون باقتضاب شديد. من خصائصه الرئيسة، أنّه مبوّب، يضمّ كلّ قسم منه موضوعا معيّنا: كاللباس، والضِّبانة، والطعام، والسكن، والتِّحاية، والسفر، والرياضة، إلخ. لا يُعالج إلاّ المادّة اللغوية المعاصرة المتعلّقة بما يجده الناس في السوق، والمنزل، والشارع، والمدرسة، والورشات، إلى غير ذلك. يكون في العادة أحادي اللغة وفي القليل النادر ثنائي اللغة أو أكثر. يُنشر على وِعاء ورقي كما قد يُنشر على حامل رَقمي.

(10) المعجم التِّقاني dictionnaire électronique : مجموعة من الوحدات الدِّجامية، مخزّنة في نَهْجَل مُستوطِن programme résident، والتي يمكن لمِنْطاق logiciel أو نهجل اعتلامي آخر الوصول إليها للتعرف على حروفها أو إشاراتها. تشتمل المعجمات التقانية على مزايا كثيرة، فقد تضمّ عددا كبيرا من المعجمات المختلفة في آن واحد، خفيفة الوزن، سهلة الحمل، يجد المستعمل الكلمة مع الأمثلة والعبارات المرتبطة بها، تحتوي بعض المعجمات التقانية على مخرج صوتي، مثل المَصات haut-parleur، أو الكُتْراس casque. كما تقدّم بعض الميزات مثل المِحْسَبة أو الكُنّاش.

لم يكن العرب أوّل من ابتكر تأليف المعجمات اللغوية، إلاّ أنّهم حين صنّفوا معجماتهم لم يكونوا مقلّدين لأحد في ذلك، بل دفعهم ظهور الإسلام وما صحبه من حركة علمية كبيرة إلى تتبّع مفردات لغتهم وتقييدها ونقلها. عرف الصينيون المعجمات قبل العرب بألف سنة على وجه التقريب، وصنّف الآشوريون معجماتهم على الرُّقُم خوفا عليها من الاندثار، وأودعوها مكتبتهم في نينوى خلال القرن السابع قبل الميلاد، كما وضع اليونان كتبا تحوي تفسيرات لبعض مفردات كتب أفلاطون، وبعض خطبهم مرتّبة ترتيبا موضوعيا، يقول المستعرب اللغوي الكلزي جون هاي وُود John A. Hay Wood، في مقدّمة كتابه العِجامة (الصناعة المعجمية) العربية: «المعجم العربي، منذ نشأته، كان يهدف إلى تسجيل المادّة اللغوية بطريقة منظّمة، وهو بهذا يختلف عن كلّ المعجمات الأولى للأمم الأخرى، التي كان هدفها شرح الكلمات النادرة أو الصعبة». أمّا الأوروبيون فقد ألّفوا في هذا المجال تأثّرا بالعرب وبحضارتهم، ويعود أوّل معجم أوروبي إلى القرن السابع عشر الميلادي، ويعني هذا أنّ العرب المسلمين سبقوا الأوروبيين في هذا المجال بتسعة قرون، قبل ظهور أوّل معجم كَلَزي، وخمسة قرون قبل ظهور أوّل معجم هجائي لاتيني.

جُمعت ألفاظ العربية ودوّنت ورتّبت، خلال مراحل تاريخية ثلاثة، متّصلة اتّصالا وثيقا، بدأت المرحلة الأولى في أواخر القرن الأوّل الهجري واستمرّت زهاء مئة عام، أي حتّى أواخر القرن الثاني الهجري، وهي فترة ضمّت جمع الأحاديث النبوية، والشعر، والأدب أيضا، وقد كان علماء اللغة يأخذون الألفاظ من أفواه عرب الصحراء، أو الوافدين على الأمصار الذين لم تتأثّر ألسنتهم بمخالطة غير العرب. وكان أبو عمرو بن العلاء من أوائل الرواة الذين رحلوا إلى البادية واستنطقوا الأعراب، وكان يطيل الاستماع إليهم، ويعي عنهم فصاحتهم. وقد أعانت هذه الرحلات على جمع اللغة وتسجيلها ونقلها، وعلى تفسير غوامض الشعر والتعرّف على البلدان والأماكن، ثمّ وظفوا ذلك في تفسير القرآن والحديث والأدب القديم بشعره وأخباره وأمثاله. وقد تميّز هذا الجمع في بداية الأمر بقلّة الترتيب والتنظيم، لأنّ الغاية كانت جمع الألفاظ في بداية الأمر كيفما اتّفق. من أبرز كتب هذه المرحلة، كتب الغريبين، وكتب النوادر.

أمّا في المرحلة الثانية، فدُوّنت الألفاظ في رسائل صغيرة متفرّقة عرفت قدرا كبيرا من التنظيم، حيث جمعت كلُّ رسالة مجموعةً من الألفاظ التي يربطها رابط لفظي معيّن، كجمع الألفاظ التي ترتبط برابطة الأضداد، فاللفظة الواحدة تدلّ على الشيء وضدّه، أو الرسائل التي ألّفت على ثلاث حركات في معان مختلفة، من أشهرها مثلّثات قطرب، وكذلك الكتب التي ألّفت في النبات أو الحيوان، أو خلق الإنسان وغيرها. ثمّ جاءت المرحلة الثالثة، وكانت أطول المراحل كلّها. اعتمد فيها المؤلّفون على كتب المرحلتين السابقتين، الأولى والثانية، وأضافوا إليها بجهودهم المتلاحقة قدرا كبيرا من التنظيم والترتيب، والتقصّي، والشمول، وأخرجوا بذلك معجمات لغوية عامّة.

تعليق

لفظ المُعْجَم على صيغة المُفْعَل، من الفعل أعْجَم، الذي هو في الأصل ثلاثي مزيد بالهمزة، ومعجم اسم مفعول من أفعل، وعلى هذا الأساس فهو يشير إلى الألفاظ التي أزيلت عجمتها، لأنّ المادّة اللغوية عجم تفيد فيما تفيد الخفاء والإبهام والغموض، لأنّ العرب كانوا يطلقون العُجمة على كلّ الأمم التي لا تتكلّم بالعربية، ولا تكاد تُبين، ومن هنا جاء أيضا استعمالهم للعجمة وصفا للحيوانات، فهي عجماء، والأعجم الذي لا ينطق ولا يُبين. والألف في الفعل أعجم تُفيد السلب والإزالة، كقول العرب، خَفي، وأخفى أي أزال الخفاء، وقوي وأقوى أي أزال القوّة، فيكون لفظ معجم بمعنى: مُزال عُجمته. ويُفهم هذا المعنى من قولهم إعجام الخطّ أي أضاف النقاط إلى الحروف لإزالة اللبس بينها وبين الحروف الأخرى التي تشبهها في الرسم، وهي الحروف المهملة. ظهر أوّل استعمال اصطلاحي للمعجم في مجال مؤلّفات الحديث، لا سيّما ما تعلّق بعلم الرجال، ورواة الحديث، واُستعمل أوّل مرّة في عُلوان طويل، من مثل: «رواة الحديث وعلماؤه المرتّبة أسماؤهم على حسب حروف الخطّ المعجم». ورأى الناس أنّ العلوان طويل، فاختصروه، إلى: «رواة الحديث مرتّبين بحسب حروف المعجم». ثمّ اُختصر أيضا مرّات، حتّى أصبح «المعجم» أو «المعجم الكبير». ثمّ شاع استعمال لفظ المعجم لتسمية الكتب المرتّبة بحسب الحروف، وانتقل هذا الاستعمال من مجال الحديث النبوي إلى مجال الفقه، ثمّ وصل أخيرا إلى مجال اللغة، وأصبح يُطلق على كلّ كتاب يجمع طائفة من الكلمات، ويرتّبها ترتيبا خاصّا ثمّ يشرح معناها. الملاحظ أنّ كتب اللغة التي ترتّب المفردات وتشرح معانيها، لم تطلق على نفسها مصطلح معجم أو معجمات إنّما أخذ كلّ كتاب علوانا له خاصّا به، مثل: كتاب العين، للخليل بن أحمد، وكتاب الجيم لأبي عمرو الشيباني، ومثلهما: الجمهرة، والقاموس المحيط، وتهذيب اللغة، إلخ.

يقول بعض الباحثين (حسين نصّار، عبد العلي الودغيري)، إنّه لا يوجد لفظ معجم بمعنى المعجمات اللغوية في المراجع القديمة، ولم يُعثر لحدّ الآن على علوان معجم لغوي قديم يتضمّن كلمة معجم، أمّا كتاب معجم بقية الأشياء، فعلوانه الأصلي في مخطوطاته هو: أسماء بقية الأشياء، وقد أضيف إليه لفظ معجم سنة 1934م، حين نشره إبراهيم الإبياري، وعبد الحفيظ شلبي، لكنّهما نبّها إلى علوانه الأصلي. من أوائل المعجمات اللغوية التي ظهرت في علاوينها لفظ معجم في خلال النصف الأوّل من القرن العشرين الميلادي، وقبل ظهور المعجم الوسيط، نجد: معجم الألفاظ الحديثة لمحمد دياب، القاهرة، 1919م. معجم أسماء النبات لأحمد عيسى، 1930م. معجم الحيوان لأمين معلوف، القاهرة، 1932م. معجم الاصطلاحات الشائعة في علم الصناعات الزراعية، لحسين عارف، القاهرة، 1942م.

جَمْع معجم، مُعجمات، ومعاجِم، ويرى بعض العلماء، أفضلية استعمال صيغة «معاجم» على استعمال «معجمات»: (1) لأنّها تجري مجرى الأسماء، وتبعد أن تكون صفة، أو مصدرا؛ (2) نصّ القدماء على أنّ مُفْعَل تُجمع على مفاعِل حين تجري مجرى الأسماء؛ (3) اعتاد أهل العصر استعمال كلمة معاجم، وألفوها أكثر ممّا ألفوا استعمال معجمات.

مترادف

عِجام

قَاموس

مصطلح قريب

لغة كلزية

dictionary
لغة فرنسية

dictionnaire
مراجع

  • اللغة ومعاجمها في المكتبة العربية. الربيز: عبد اللطيف الصوفي. طلاس دار، الطبعة الأولة، 1986م. دمشق، سوريا.
  • المواد والمداخل في المعجم اللغوي التاريخي: نحو صناعة معجم تاريخي للغة العربية مصطفى يوسف عبد الحي‎. عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1435، 2014م. القاهرة، مصر.
  • القاموسية العربية الحديثة بين تنمية الفصحى وتحديث القاموس والتأريخ للمعجم. عبد العلي الودغيري. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2019م. الدوحة، قطر.
  • المعاجم العربية، دراسة تحليلية، الكتاب الأوّل. الربيز: عبد السميع محمد أحمد. دار الفكر العربي، 1393، 1974م، الطبعة الثانية. القاهرة، مصر.
  • اللغة والاقتصاد. فلوريان كولماس، ترجمة: أحمد عوض، مراجعة: عبد السلام رضوان، 2000م. ستلة عالم العرفة 263، الكويت.