معجم المصطلحات الكبير
تَليُّط
الحتاكة

يُعتبر التليّط إحدى العمليات الأساسية في التجشّر diagenesis التي تحدث للأطوار المعدنية، مع الذوبان، والتبلّر، والاستبدال، ويُراد بالتليّط تثفّل precipitation المادّة على سطح حُبابة أو دِعامة، والنمو التدريجي للبلوّرات، فنتيجة التليّط تتحدّد بالاختفاء التدريجي لمسامية الصخر وكبس فجواته وامتلائها. تصبح المستويات الغضارية صلبة، عندما تتعرّض للروصصة compaction، ولا ينطبق الأمر على المستويات المُكوَّنة من الجزيئات الحُبابية التي تكون مساميتها محدودة جدّا، وتظلّ في حالتها الرهيشة ما لم تتدخّل أي ظاهرة تجشّرية أخرى. التليّط هو كما يحدث في المِلاط الاصطناعي، حيث يحتلّ اللِّياط cement أو الرابط binder الفجوات، فيكبسها ويربط بين الجزيئات معا. لكي يحدث التليّط، من الضروري أولا أن تكون العناصر الضرورية لتكوين الرابط موجودة في المحلول، ثمّ تتثفّل بعد ذلك في الفجوات بين الجسيمات. يعتبر السَّوْخَم carbonate، والغَضار clay، والكنثب silica، أكثر المواد الطبيعية الرابطة شيوعا، لكن ذرب الحديد iron oxides، والهَوْبصات phosphates، والأسناخ chlorides، والكَوْبرات sulphates تعمل أيضا العمل نفسه من الربط. يودّي تليّط رمال الخُراز quartz بالكنثب إلى تكوين الخَرَز quartzite، عن طريق رصف البلوّرات بجانب بعضها بعضا وتلامسها، لكن حدود الحباب الرملي الأوّلي تظلّ مرئية على شكل شُدوف ghosts، تُميّزها بوضوح الشوائب السطحية، كذَرَب الحديد، ترتبط الشبكة البلّورية للّياط الناشئ وتتطابق محاورها مع الشبكة البلوّرية لحباب الخُراز التي كانت عبارة عن سطوح نمو لها (نِماوات متلافقة syntaxial overgrowth).

يتمّ تليّط الرمل برابط غَضاري من خلال «المَسْك» الذي يحدث لهذا الرابط، كما هو الحال في المِلاط الاصطناعي، ممّا يعني تبلّر (إعادة التبلور) المعادن الغَضارية الموجودة، أو على الأقل تحَكُّدها aggradation. تعتمد طبيعة هذه المعادن وتطورها على تكوين المحاليل الخُلالية الموجودة في وقت الترسيب أو تلك المحاليل التي مرّت عبرها لاحقا. إن تليّط الرُّسابات السوخمية المتكوِّنة من جزيئات نُقالية allochemical بواسطة الكُلاس، يشبه أحيانا في بعض جوانبه ما يحدث من تليّط للخَرَز، عندما تكون هذه الجسيمات عبارة عن شظايا هَوْكلية skeletal من الحِسْكِيات (شوكيات الجلد)، مؤلّفة من بلّورة كلسية أحادية، فإن الشبكة البلوّرية للكلاس في اللياط تأخذ الاتجاهات الحِيامية crystallographic directions لبلورة الشظية الهوكلية، التي تظلّ مع ذلك، معروفة جيدا ببنيتها الشبكية المميزة.

تُظهر قياسات مسامية رُسابات السَّوْخمات carbonates الحالية أنها في حدود 40 إلى 70%، بينما في الكلس القديم، غالبا ما تنخفض إلى أقل من 5%. ومع ذلك، تُظهر نَسَجات الصخور السوخمية أن الضغط كان ضعيفا، فالقواقع الهشّة، بشكل عام، ليست مشوهة ولا مضغوطة ولا مكسّرة، وهنا يجب القول بأن الحيوز الحرّة كانت بعد الترسيب ممتلئة باللياط، وهذا يطرح مشكلة أصل اللياط. لا يوجد أي سبب لحدوث التليّط في ظلّ الظروف التي سمحت بتراكم 50% من الرسابات المسامية والجزيئات التي نشأت في حالة توازن مع المحاليل الخُلالية. يجب أن تتغيّر الظروف، ويجب أن تُجدّد المحاليل وتُتَخّم (تتشبّع بزيادة)، وبالتالي إيجاد مصدر خارجي للسوخمات. يوفّر الأساسَ للتفسير الأوّل، حُثُّ الشواطئ، والرمال المليّطة بالسوخمات، الشائعة على الشواطئ الكلسية للجزر المرجانية في المناخات الاستوائية، والمعروفة أيضا على شواطئ بحر قزوين، وبحر الشمال، حيث تُجلب مادّة اللياط بواسطة المياه العذبة التي تأخذها من الصخور الكلسية البارزة فوق سطح الماء، ثمّ ترسّبها على السطح بين المياه العذبة والمياه المِلْحة عند تجاوز حدّ التشبّع. التفسير من هذا النوع مقبول أيضا في تليّط الكِلْس المُرضّم reef limestones في جزر المحيط الهادي المرجانية.

يتّبع تليّط التكوينات الحديدية بواسطة السوخمات، أو الأنغار hydrates، أو أذراب الحديد القوانين نفسها. من حيث إنّ تليّطها لا يتمّ بواسطة تثفّل المادّة الموجودة في المحاليل التي كانت في حالة اتزان معها في وقت ترسّبها، لا بدّ أن تحدث تغيّرات كبيرة في البيئة الترسّبية، مثل ما يحدث في التلامس بين المياه العذبة والمياه البحرية. إنّ التليّط الذي يحدث في الحالات الأخرى، يواجه المشكلات نفسها التي تطرحها السوخمات: تحتاج مادّة التليّط إلى مصدر، ومحلول لنقلها، ومصيدة لتثبيتها. يجب أن تكون هذه المصيدة مزدوجة، تتضمن فراغا (المسامية في الصخور المضيفة)، ومَحاطا يسمح بتثفّل العناصر.

تعليق

التحكّد aggradation من الحَكْد وهو الرجوع إلى الأصل، يُقابله التردّؤ degradation.

الهَوْكل، مبدلة من الهيكل للدلالة على ما يُعرف بالهيكل العظمي للكائنات الحيّة، وذلك لتدقيق معاني المصطلحات العربية، وجعلها قادرة على تتبّع الأصول في مصادر البحوث العلمية في اللغات الغربية وترجمتها بكفاءة واقتدار.

الشدوف جمْع شَدَف، وتجمع أيضا على أشداف، وهي في اللغة الشخوص تُرى من بعيد ولا تميّز، تستعمل في الحِتاكة بمعاني كثيرة منها، الأثار الخفيفة من الهوكل الأصلي لعِضاوة organism أو سُراءة oolite أو بلورة، تُرى في صَرِيقة مجهرية. تُسمّى بالكلزية: ghost, phantom، وبالفرنسية: fantôme.

مصطلح قريب

لغة كلزية

cementation
لغة فرنسية

cimentation
مراجع

  • Roches et Minéraux, 1- Les Matériaux. J. Lameyre. Doin, 1975. Paris, France
  • Géologie, Pétrologie sédimentaire, des roches aux processus. Frédéric BOULVAIN. Ellipses, 2010. Paris, France