معجم المصطلحات الكبير
تَحَثُّث
الحتاكة

يرتبط التجشر diagenesis بمجموع التغيّرات الريزيائية الحيميائية physico-biochemical التي تحدث للرسابة بعد توضّعها، في شروط الحُرورة والضغط المنخفضين التي تسود في بيئة تَحْسَطِية subsurface (تحت سطحية)، لا يشمل هذا المصطلح التغيّرات التي تحدث للرسابة المرتبطة فقط بالعوامل الحِياوية (الحَبَض bioturbation)، وينتهي التجشّر حيث يبدأ التخمّم. لتبديد الانطباع بعدم اليقين المتعلّق بحدود التجشّر، يمكن القول إنّ التجشّر يعالج مشاكل تردّؤ degradation المادّة العضوية وتطوّرها، وظواهر التليّط، والذوبان، والتبلّر recrystallization، والاستبدال، التي تؤثّر على الأطوار السَّوْخَمية، والكَنْثبية، والكَوْبرية.

الحثّ هو المكافئ الصلب للرمل، أي الصخر المتماسك الذي يتردّد حجم حَبابته particle size بين 2 مئق، و1\16 مئق، ويُكافئ 62 مِبْقاس. يُظهر الفحص المجهري وجود حُباب الحثّ، مع مادّة خُلالية تجمع الحباب وتوحّده، تُسمّى هذه المادّة بالرابط binder، وكذلك يظهر الفحص وجود بعض الأسوال مثل: الماء والهواء والأسهان. يمكن أن يكون هذا الرابط ذا طبيعة كيميائية، نتج من التثفّل المباشر للمادّة المعدنية، مثل الكَنْثَب (في شكل طُهاش، خَلْقَد، خُراز)، أو سَوْخَم الشراق، ونادرا ما يكون على شكل حَجَرْد، أو فُداع، أو جبس، أو رُساخ، أو ما إلى ذلك، وتعرف هذه المواد المعدنية المتثفّلة بلِياط cement الصخر، أمّا إذا ما لاحظنا وجود طور حُتاتي أكثر دِقّة، يحتلّ الفجوات بين حُباب الطور الغليظ، يُسمّى هذا حينئذ بالكِناف matrix، الذي يمثّل دخولا قينيائيا لجسيمات دقيقة بين الحباب المتلامس. حينما يكون الحُباب الغليظ متباعدا، ندرك هنا أنّنا نتعامل مع رُسابة رديئة الفرز، حيث ترسّبت الجزيئات الغليظة والدقيقة معا في الوقت نفسه، بعبارة أخرى أن الحباب الغليظ ترسّب في الوقت نفسه مع الجزئيات التي تكوّن الكِناف، وهذا يعني أنّه يجب أن نميّز بين حباب غليظ بسيط في كِناف غَضاري (بِنية ثَمْطية structure empâtée)، وبين تشتّت واضح لحباب غليظ معتبر داخل الكناف (بنية مشتّتة structure dispersée). في البِنى التلامسية، يمكن أن يكون لدينا لياط تلامسي بسيط، يحافظ على مسامية الصخور بشكل كبير، ولكن في أغلب الأحيان، يَكْبِسُ اللياطُ كلّ الفجوات بين الحُباب ويملؤها. في الخَرَز quartzite يُحاط الحباب بنطاق من النِّماوات الخُرازية، تتميز بالخصائص البِصارية optical نفسها التي يمتلكها الخراز الحُتاتي البدائي، يمكن التدليل على ظاهرة النِّماوة المتلافقة syntaxial overgrowth هذه عندما يحتوي حُباب الرمل البدائي على طبقة رقيقة من ذَرَب الحديد.

 

488.jpg

 

ينشأ الحُثّ بواسطة ترسّب اللِّياط الطبيعي بين حُباب الرمل

 

نظرا لكون الرَّوْصصة compaction أقل أهمية في الرمل منها في الطين الغَضاري، فإن العمل المرتبط بها غير كافٍ وحدَه لتحويل الرمل إلى صخر متماسك إلى حد ما. وبالتالي، فإن التليّط cementation يعتبر العملية الرئيسة في تصخّر الرمال. غالبا ما تميل الرمال إلى اكتساب لونها النهائي خلال المرحلة الأولى من طرد الأسْوال (السوائل)، حيث ينتج عن وجود المادة العضوية استنفاد المَحاط من الكُثار، وظهور الحديد على شكل ح++ (الألوان الخضراء). من ناحية أخرى، فإن الحثّ يكتسب لونه الأحمر، إما لغناه أصلا بخِضاب ذرب الحديد الحُتاتي الذي يُلبِّس بالضرورة حُباب الخُراز، وإمّا يدين في تلوّنه إلى تكوّن تفاعل خلال التجشّر من نوع:

قُشاف => طُفال (معدن غَضاري) + ذَرَب الحديد.

يعتبر الكنثب silica لِياطا cement شائعا في الحُثّ، ينمو غالبا على حُباب الخراز في استمرارية بِصارية، يؤدّي في حال اكتمال هذه العملية إلى ظهور الخَرَز quartzite. اعتمادا على عمر الحثّ، يمكن أن يكون اللِّياط الكَنْثبي من الطُّهاش opal (نوع غير مستقر جدا من الكنثب) أو من الخَلْقَد chalcedony، أو من الخراز (شكل مستقر جدّا). تكمن مشكلة اللياط الكنثبي قبل كلّ شيء في أصل الكنثب. المياه البحرية مسغبة من الكنثب، ولا توفّر من مادّته ليحدث التليّط إلاّ القليل، بالإضافة إلى ذلك فإنّ عمليات الذوبان بالضغط معنية فقط بزهاء ثلث حجم اللياط. ما يزال هناك الكنثب المستخرج من ذوبان قواقع العِضاوات (الشعاعيات radiolaria، المشطورات diatoms، البَثِين sponges)، والكنثب الناتج من التحوّلات التجشّرية للطُّفال، هذان هما المصدران الأساسيان للكنثب، لكن نادرا ما يرتبطان إراضيا بأجسام رملية معتبرة (يرتبط كلّ من الطفال، والشعاعيات، والبثين، بالسحنات العميقة)، لذلك يجب أن نقدّر رِيادا circulation مائيا تجشّريا عظيما لتفسير وجود اللياط الكنثبي.

تُكوِّن السَّوْخمات أيضا لياطا رئيسا في الحثّ، وهي تتطلّب تدفقات كبيرة من المياه التجشّرية، لأن التقديرات من خلال تركيزات سَوْخم الشُّراق (كربونات الكالسيوم) في مياه البحر توضّح أنه لكَبْسِ مَسامّ الحثّ من الضروري تدوير 2700 ضعف حجمها من الماء. هناك لِياط آخر مهمّ في الحثّ وهو ذَرَب الحديد. يأتي الحديد بشكل أساسي من التغمّل القارّي للأقشفة biotites، والأخلبة amphiboles، والأعثمة chlorites، الخ. لمّا كان انحلال هذه المعادن يحدث غالبا في الظروف الاختزالية، فإنّ الحديد الذائب يُنقل على شكل ح2+، ثمّ يتثفّل على شكل ذَرَب، ويصبح غير قابل للذوبان بمجرّد أن يصبح المَحاط مشتملا على الكثار بدرجة كافية، وبمجرّد وصوله إلى حالة الذرب، يصبح من النادر جدّا أن يتأثر الحديد بأي تجشّر لاحق.

مترادف

تَجَشُّر الرَّمْل

مصطلح قريب

لغة كلزية

gresification
sand diagenesis
لغة فرنسية

grésification
diagenèse des sables
مراجع

  • Géologie, Pétrologie sédimentaire, des roches aux processus. Frédéric BOULVAIN. Ellipses, 2010. Paris, France

يعود الحثّ بواسطة الكثح إلى رمل مرة أخرى، حيث يبدأ رحلة طويلة، من خلال تعاقب دورات: كثح، نقل، ترسّب، تجشّر، انتجاد. ثم كثح، نقل،.. الخ. تصوير: Mathew S Thomas، مصدر الصورة: فليكر.