معجم المصطلحات الكبير
محمّد بن إسْماعِیل البُخاري
علم الحديث

هو أبو عبد الله محمد بن إسماعیل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزبَه الجعفي البخاري، ولد يوم الجمعة الثالث عشر من شهر شوّال سنة 194 في مدينة بخارى، طلب العلم صغيرا سنة 205، وقد حفظ تصانيف بعض الأئمّة وهو صغير، وسمع من شيوخ بلده، ثم رحل مع أمّه وأخيه إلى الحجاز حاجّا سنة 210، وأقام في المدينة المنوّرة، فألّف كتابه «التاريخ الكبير»، وهو مجاور قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وزاد على هذا الكتاب مرّتين في آخر حياته. رحل البخاري إلى شيوخ الحديث وأئمته في مختلف البلاد، فذهب إلى بغداد، والبصرة، والكوفة، ومكّة، والمدينة، والشام، وحمص، وعسقلان، ومصر، وسمع كثيرا، وكتب عن أكثر من ألف شيخ، وقد ساعده صبره وذكاؤه، وحبّه للعلم على بلوغ مرتبة عالية في عصره، حتّى أصبح إمام المسلمين في الحديث، ولقبّه الائمّة بأمير المؤمنين في الحديث، وقد اشتهر بورعه وعبادته كما اشتهر بعلمه. كان البخاري يحفظ مائة ألف (100.000) حديث صحيح، ومئتي ألف حـديث غير صحيح. وكان واسع المعرفة غزير العلم، أحد أعلام الدنيا في معرفة الصحيح من السقيم، ومعرفة أحوال الرجال وعلل الأخبار، وكلّ ما يتعلّق بالحديث وعلومه وقد شهد له الأئمّة بعلو منزلته، وعظيم قدره، وأخباره مع شيوخه وأهل العلم، وأخبار حفظه وإتقانه كثيرة جدّا، لا يتّسع المقام لذكر بعضها، ولهذا نكتفي منها بما حصل له عندما قدم مدينة بغداد:

تناقل الناس في عصره أخباره وذاع صيته، وسبقته سمعته، إلى كثير من البلاد، وعندما قدم بغداد أحبّ أهل الحديث امتحانه، فعمدوا إلى مئة حديث، فقلّبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن حديث لإسناد غير إسناده، وإسناد متن لمتن آخر، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها عليه في المجلس، فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم فقام وسأله عن حديث من تلك العشرة، فقال: لا أعرفه، ثمّ سأله آخر فقال: لا أعرفه. حتّى فرغ من العشرة، والبخاري يقول: لا أعرفه، ثمّ انتدب آخر من العشرة، فكان حاله معه كذلك إلى تمام العشرة، والبخاري لا يزيد على قوله: لا أعرفه. فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقول: الرجل فهم. وأمّا غيرهم فلم يدركوا ذلك، ولمّا فرغوا من إلقاء الحديث عليه، التفت إلى الأوّل فقال: أما حديثك الأول فهو كذا. وحديثك الثاني كذا، إلى آخر العشرة، فردّ كل متن إلى إسناده، وفعل بالثاني ذلك إلى أن فرغ، فأقرّ له الناس بالحفظ والضبط والإتقان، وازداد بعض الحاضرين إعجابا به، لا لأنّه أدرك الصواب فقط، بل لسرده جميع الأحاديث التي ألقيت عليه مرتبة كما سمعها لقد كان البخاري أحد أعلام الدنيا في الحفظ والإتقان، وقد أجمعت المصادر التي ترجمت له على ذكر هذا الخبر، ولهذا لا نعجب حين يذكر الخطيب البغدادي أن مجلس البخاري كان يضمّ في بغداد نيفا وعشرة آلاف إنسان. خرج البخاري في آخر حياته إلى قرية «خرتنك» وهي علـى فرسخين من «سمرقند»، فتوفّي بها في 30 رمضان سنة 256 رحمه الله. (الوجيز في علوم الحديث، محمد عجاج الخطيب).

مصطلح قريب

مراجع

  • الوجيز في علوم الحديث ونصوصه، محمد عجاج الخطيب، المطبعة الجديدة دمشق، 1399، 1979م. دمشق، سوريا.