ينظر إلى التحرش الجنسي بصفة عامّة من منظورين مختلفين منظور عملي، سلوكي، وآخر قانوني، فمن المنظور الأوّل يمكن اعتبار التحرش الجنسي، أي سلوك غير مرغوب فيه ذي طبيعة جنسية. يمكن أن يشمل المقدمات الجنسية أو المراودات، وطلبات الخدمات الجنسية، وغير ذلك من السلوك اللفظي أو غير اللفظي أو الإيماءات الجسدية ذات الطبيعة الجنسية. ومن المنظور الثاني، هو ضغط غير مبرّر يمارس على شخص من أجل الحصول منه على خدمة جنسية أو لإهانته بالسخرية من خصائصه الجنسية، ممّا يؤدّي إلى المساس بحقّه في المساواة المهنية. وتعرّفه اللجنة الأمريكية لتكافؤ فرص العمل (EEOC, 2007)، بما يلي: إن المقدمات الجنسية (المراودات) غير المرغوب فيها، وطلبات الحصول على خدمات جنسية، وغير ذلك من التصرفات اللفظية أو الجسدية ذات الطبيعة الجنسية تشكل تحرشا جنسيا عندما تؤثّر بشكل صريح أو ضمني على وظيفة الشخص، أو تؤثّر بشكل سيئ على أدائه في العمل، أو تصنع بيئة عمل مخوّفة أو عدائية. وعلى أساس هذا التعريف يمكن القول إنّ التحرّش الجنسي يرتبط بالعمل وبيئته، وأنّ هناك نوعين من التحرّش الجنسي، الأوّل يترجم بعبارة «هذا مقابل ذلك» ويحدث عندما يشترط الشخص الذي يشغل منصبا أعلى في التسلسل الهرمي تلقي خدمات جنسية من الضحية من أجل بقائها في وظيفتها، أو ترقيتها في منصب، أو حتّى توظيفها. النوع الثاني من التحرش الجنسي يسمى «البيئة المعادية»، وهنا يكون السلوك الجنسي غير المرغوب فيه منتشرا لدرجة أن مكان العمل يصبح للمتحرَّش به مخوّفا ومدمرًا. يتزايد الاعتراف بنوع ثالث من التحرش الجنسي من لدن نظام المحاكم الأمريكي، وهو الذي يحدث لشخص ثالث عندما لا يكون هو الضحية التي تمّ التحرش بها، ولكنه يتأثر سلبا بالممارسات التحرّشية في مَحاط عمله.

هناك فرق بين التحرّش الجنسي والاعتداء الجنسي، فالأخير هو فعل من أفعال التدخّل الجنسي يكون مصحوبا إمّا بإصابة جسدية فعلية وإمّا بتهديد بإصابة جسدية. مصطلح التحرّش الجنسي حديث الظهور في البيئات العربية، إلاّ أنّه كانت هناك تعبيرات أخرى تدلّ على معناه في الفقه الإسلامي، مثل: معاكسة، مراودة، تغزّل، إغواء، الغمز أو التغامز، التضاحك مع الأجنبية، الجَسّ أي اللمس باليد، وهذه كلّها صور من صور التحرّش الجنسي. كما يعدّ هذا المصطلح أيضا حديث الظهور في البيئات الأجنبية، وغالبا ما يقال إنّه ظهر في عام 1973م، في تقرير حول مظاهر التمييز بين الجنسين، ويرجع بعضهم ظهور المصطلح إلى عام 1975م على يدي بعض الناشطات في مجال حقوق المرأة، إثر تبادل الأفكار في أحد اجتماعاتهن حول المضايقات الجنسية التي تتعرّض لها المرأة.

التحرّش الجنسي، هو: «تلميحات جنسية مؤذية، متطفلة، هجومية، أو قسرية غير مرغوب فيها نحو شخص آخر. قد تنطوي على حدث واحد خطير أو تكون على شكل نمط من الأحداث الأقل خطورة، والتي تستمر على الرغم من أنها غير مرغوب فيها وأو مسيئة» (المركز الوطني للسلوك الجنسي للشباب، 2003م). قد تكون هذه السلوكيات جسدية أو لفظية أو تلميحات لها دلالة أو مكنون جنسي. يمكن لهذا التحرش أن يحدث في الاماكن العامّة أو العمل أو الأسرة حيث يكون المرتكب للتحرّش شخص يعتبر نفسه في موقع سلطة. المصدر: UNFPA