خطّ من صنف الثلث والمؤنّق، وهو من أحسن الخطوط وأصعبها على الكتابة، مرسل الحروف قليل التقويسات جميل السطور حبيب إلى النظر أكثر من الثلث. كانت المصاحف قديما تُكتب بالمحقّق والريحان لجمال صورهما المفضلة في النظر عند التلاوة، وكانت تُضاف ثلاث نقاط بأسفل السينات لمجرّد الزخرفة، وقلّ من يكتبه اليوم ولا يمزج شيئا من حروفه بحروف المؤنّق أو الثلث، والفرق بين المؤنّق والمحقّق أنّ الواو والنون والراء والياء المنفردات إذا كانت في المؤنّق لم تخل من قصر وعمق، وهي في الثلث أشد عمقا وقصرا على عكس المحقّق فعراقاته مرسلة، ولا يوجد في المحقق طمس لعيونه، وحركاته تُكتب بالقلم نفسه الذي تُكتب به الحروف.

المحقّق من أحسن الخطوط الإسلامية وأصعبها، ونسبة الريحان إلى المحقّق كنسبة قلم الحواشي إلى النسخ، وحروف الريحان أدقّ وألطف، وتُرسم بعرض واحد. كان المحقّق والريحان في أوّل أمرهما يشبهان الثلث، والاختلاف بينها أنّ الألِف في المحقّق مستقيمة وعريضة، وفي الريحان مستقيمة ورفيعة، والمحقّق خطّ ذو جلال وضخم وغير متداخل الحروف، ويُرسم بشكل واحد بوضوح تام، ولا نجد في حروفه أي تشابه بينها، فلكلّ حرف شكل ثابت، عدا الحرفين الكاف واللام، ومع ذلك فهما يتباينان بالعلامة المميّزة للكاف. ومن الخصائص المميّزة لهذا الخطّ أنّ منتصباته أطول من سائر الخطوط، وعيون حروفه مفتوحة في جميع الأحوال (في التفرّد أو التعكّث) والحركات والضوابط في المحقّق والريحان ألطف ممّا هي عليه في الثلث، وقد رُسمت اشكال الريحاني بأكثر رقّة وقصّروا من منتصباته، ولا يصحّ في المحقّق التخميل بحال، ولا يسير القلم فيه بسهولة ويُسْر من أجل ذلك دعوه باليابس، والقلم في الريحان والمحقّق ذو قطّة محرّفة تماما. لقد اُختصّت المصاحف في العصر العبّاسي بالمحقّق وشاع وراج بدءا من عصر ابن البوّاب، حيث تخطّى كتابة المصاحف إلى كتابة الدواوين الشعرية، واستمرّ استعماله في تركيا ومصر حتّى القرن الثاني عشر.

سبب تسميته بالمحقّق ترجع إلى تحقيق أجزاء حروفه، وإعطاء كلّ حرف ما له وما عليه، ويسمّيه الأتراك جلي الثلث.