معجم المصطلحات الكبير
مُسْنَد أحْمَد بن حَنْبَل
علم الحديث

لأحمد بن حنبل مؤلفات كثيرة أشهرها كتابه المسند. وهذا الكتاب من أعظم ما دُوّن في الإسلام، ومن أجمع كتب الحديث التي كُتب لها البقاء -من مؤلفات مطلع القرن الثالث- والوصول الينا. سلك فيه مسلكا مغايرا لمسالك المصنّفين في الحديث على الأبواب، فرتّب كتابه على أسماء الصحابة -كما هو الشأن في جميع المسانيد- وذكر لكلّ صحابي أحاديثه مسندة، وقد اختار مسنده من نحو سبعمئة وخمسين ألف حديث، وبلغ: عدد ما جمعه في مسنده نحو ثلاثين ألف حديث أو يزيد، أخرجها عن قرابة ثمانمئة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. ومما تجدر الإشارة إليه أنه لم يذكر فيه شيئا من فقه الصحابة والتابعين ومن فقهه كما فعل الإمام مالك في موطّئه. وأحاديث المسند تدور بين الصحيح والحسن والضعيف، ففيه أحاديث صحيحة ممّا أخرجه أصحاب الكتب الستّة، وممّا لم يخرجوه، وفيه الحَسَن والضعيف المحتجّ به، حتى إن الإمام السيوطي قال: «وكلّ ما كان في مسند أحمد فهو مقبول، فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن». والمهمّ أن الإمام أحمد اجتهد في جمع أحاديث مسنده، فلم يخرجها إلّا عمّن ثبت عنده صِدْقه وديانته، دون من طُعِن في أمانته، ودقّق في متون كتابه، في رجاله. ومن ثمّ حُقّ له أن يقول لابنه عبد الله: «احتفظ بهذا المسند، فإنه سيكون للناس إماما».

طُبِع هذا السفر الضخم في ستّ مجلدات وطبع على هامشه كنز العمال بمصر سنة 1313، كما طُبع في الهند، وكان من الضروري أن يُحقَّق الكتابُ وتُخرَّج أحاديثُه، فنهض لهذا العمل الفذّ الشيخ: أحمد محمد شاكر، أحد علماء الحديث في مصر في هذا العصر، فخرّج أحاديث الكتاب ورقّمها، وجعل له فهارس للموضوعات، وخدم المسند خِدْمة علمية جليلة بتعليقاته القيمة، وردوده لبعض الشبهات في بعض المواطن منه، وقد طُبع من هذا الكتاب خمسة عشر جزءا وسطا، تُقارب ثلث الأصل، غير أن المنية اخترمته قبل أن يُتمّه رحمه الله، ولابدّ من الإشارة هنا إلى ما قام به فضيلة الشيخ: عبد الرحمن البنّا الشهير بالساعاتي رحمه الله. من علماء القرن الرابع عشر بمصر، من خدمة مشكورة لمسند الإمام أحمد، فقد رتّبه على الأبواب، وشرح بعض ما يحتاج إلى الشرح والبيان، وخرّج أحاديثه، وأشار إلى زوائد عبد الله، وسمّى ترتيبه هذا: «الفتح الربّاني لترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني»، وجعله في سبعة أقسام. والكتاب جيّد جدّا، سَهّل بهذا الترتيب الرجوع إلى المسند حسب الموضوعات، إلى جانب ما فيه من فوائد علمية جليلة. طُبع من «الفتح الربّاني» اِثنان وعشرون جزءا كبيرا بمصر، وهي أكثر الكتاب، و قد كان البدءُ بطبعه سنة 1353. (الوجيز في علوم الحديث ونصوصه، محمد عجاج الخطيب).

مصطلح قريب

مراجع

  • الوجيز في علوم الحديث ونصوصه، محمد عجاج الخطيب، المطبعة الجديدة دمشق، 1399، 1979م. دمشق، سوريا.