معجم المصطلحات الكبير
اللّات
الإسلام

اللّات، صنم من الأصنام عند عرب الشمال وعرب الحجاز، وهي ألهة أنثى، كانت على شكل صخرة مربّعة، أو على شكل صخرة بيضاء منقوشة، عبدتها ثقيف بالطائف وخصّتها كخاصّة قريش العزّى، وبنت عليها بيتا، وكان الثقفيون يسيرون إلى ذلك البيت ويضاهئون به الكعبة، وله حجبة وكسوة، وكانوا يحرّمون واديه. وقد عُرف هذا البيت بسم «بيت الربّة» ويقصدون بالربّة اللات، وكانت سدانته لآل أبي العاص بن أبي يسار بن مالك، أو لبني عتّاب بن مالك من ثقيف، وهما أسرتان ثريّتان من أسر الطائف، يقومون بخدمته وتنظيفه على نحو ما كان في مكّة وفي بيوت الآلهة الأخرى، وكانت قريش وجميع العرب تُعظّم اللات وبيتها، فقد ذُكر أنّ قريشا تعبّدت للصنم اللات بموضع نخلة عند سوق عكاظ، وقيل إنّه كان بالكعبة، حتّى إنّ الثقفيين كانوا إذا ما قدموا من سفر، توجّهوا إلى بيت اللات أوّلا للتقرّب إليه وشكره على السلامة، ثم يذهبون بعد ذلك إلى منازلهم. كان فناء بيت اللات حرما معظّما عند أهل الطائف كتعظيم قريش لحرم الكعبة، وحرِّم على الناس قطع شجره، وصيد حيوانه، ومن دخله صار آمنا. تمثّل اللات في تصوّرات بعض العرب فصل الصيف، وهي إلهة الصيف عند البابليين، اللاتو، وكانت أيضا من آلهة تدمر والنبط والصفاويين، وعدّها النبط إلهة الشمس وأمّا للآلهة، ونصب العرب إليها فصل الصيف، فقالو: «ربّكم يتصيّف بالات لبرد الطائف».

ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان أنّه كان في صخرة اللات والعزّى شيطانان يكلّمان الناس. وذكر ابن الكلبي في كتابه «الأصنام» أنّ اللات أحدث من مناة، وكانت صخرة مربّعة، وكان يهودي يلتّ عندها السويق، وبها العرب كانت تسمّي زيد اللات وتيم اللات، فلمّا أسلمت ثقيف، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار. وذكر ياقوت الحموي أنّ أبا سفيان بن حرب كان أحد من وُكّل إليه هدمها، وذكر أيضا أنّ عمرو بن لُحَيّ كان لا يبتدع للعرب بدعة إلاّ اتّخذوها شريعة، وكان اللات رجلا من ثقيف يُلتّ له السويق للحجّ على صخرة تُسمّى صخرى اللات، فلمّا مات اللات أشاع عمرو بن لُحَيّ أنّه لم يمت وإنّما دخل في الصخرة، ثمّ أمرهم بعبادتها وأن يبنوا عليها بنيانا يُسمّى اللات. وممن تسمّى من العرب باللات: تيم اللات بن رفيدة بن ثور، زيد اللات بن رفيدة بن ثور، تيم اللات بن النمر بن قاسط، تيم اللات بن ثعلبة، تيم اللات بن كلب، أسد اللات، سكن اللات، شكم اللات، ووهب اللات. ومن القبائل التي تسمّت باللات: عذرة بن زيد اللات، العبيد بن زيد اللات، بنو زيد اللات، بنو تيم اللات وغيرها.

تعليق

ترجع العرب في تسمية اللات كعادتها إلى أسماء الأشخاص، فقد ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنّه قال اللات رجل يلتّ السويق للحاج، قيل فلمّا مات عكفوا على قبره يعبدونه. وقيل كان رجلا من ثقيف يقال له صرمة بن غنم وكا يسلأ السمن فيضعه على صخرة فتأتيه العرب فتلت به أسوقتهم فلمّا مات الرجل حولتها (الصخرة) ثقيف إلى منازلها فمرّت الطائف على موضع اللات. كلّ هذه التخريجات ساقطة، فالغالب في الأديان والطقوس التعبدية المرتبطة بها نجد أصولها في الديانات السابقة عليها، مثل أبولو الذي عبده العرب باسم هُبل، نجد اسم اللات في الإلهة ليتو Leto اليونانية، أم التوأمين أرتميس وأبولو. كانت من الآلهات الأمّهات التي ترعى الأطفال وقد ترتبط ببعض الرموز الخاصّة بالخصوبة والحماية. تعتبر لاتونا Latona الاسم الروماني لليتو، وهي إلهة أمّ ترمز للرعاية والأمان. وقد ورد ذكر أليلات Alilat في كتابات المؤرّخ اليوناني هيرودوت لوصف إلهة عربية، وقد اعتبرها هيرودوت النسخة العربية من أفروديت، إلهة الحب والجمال لدى الإغريق.

التاء والهاء تتبادلان في العربية، وما كان عند قريش بالتاء يصبح عند أهل المدينة بالهاء، كما في مثل كلمة التابوت، فهي عند قريش بالتاء وعند الأنصار بالهاء أي التابوه، ثمّ إنّ السكوت على الكلمة المنتهية بالتاء تنطق هاء، كالشجرة والشجره، تأثيل اسم Alilat الذي ذكره هيرودوت على هذه القاعدة يصبح Al-ilah بمعنى الإله، لذلك تكون اللات مؤنّث الله، كما أنّها وصفت أيضا بالربّة التي هي تأنيث الربّ. وقد تكون «إلهة»، حذفت الهاء تخفّفا وأُشبعت فتحت اللام بالألف فصارت إلاة، ثمّ شُدّدت اللام بالتعريف فأصبحت اللات، والظاهر أنّ هذا التخريج الأخير هو الأصحّ، وعليه قد يكون اسم الله ذاته مبدلا من إله بدخول الألف ولام التعريف عليه. وعلى اعتبار أنّ اللغة العربية أصل اللغات جميعا، تكون اللات صنما استعاره العرب من الأمم الأخرى والذي كان يسمى Leto في اليونانية، أمّا الأمم الأخرى فقد حرفّت اسم اللات من إلهة.

مصطلح قريب

مراجع

  • تاريخ العرب قبل الإسلام. الربيز: محمد سهيل طقوش. دار النفائس، الطبعة الأولى، 1430، 2009م. بيروت، لبنان.
  • معجم البلدان، الجزء الخامس. ياقوت بن عبد الله الحموي. تحقيق : فريد عبد العزيز الجندي. دار الكتب العلمية، 2011م. بيروت، لبنان.