العُزّى، من أعظم الأصنام عند قريش، وإلهة المكّيين المفضلّة، وهي صنم أنثى أحدث من اللات ومناة بدليل أن العرب تسمّت بهما قبلها. كانت على شكل امرأة، فحين بعث الرسول عليه الصلاة والسلام خالد بن الوليد في السنة الثامنة للهجرة إلى شِعْب سُقام ليكسّر العزّى، قال سادنها: «يا خالد أنا أحذّركها، إنّ لها شدّة لا يقوم إليها شيء». فمشى إليها خالد بالفأس فهشّم أنفها. وفي رواية أنّ العزّى شجرة أو سمرة بنخلة الشامية من بني صرمة بن مرّة. وفي رواية ثالثة أنّ العزّى شيطانة تأتي ثلاث شجرات أو سمرات ببطن نخلة. والقول الراجح إنّها صنم على هيئة امرأة، كان سدنتها وحجّابها بنو شيبان من بني سُليم حلفاء بني الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم، وآخر من سدنها منهم دُبَيَّة بن حرمي السُّلمي. حمت قريش للعزّى شِعْبا بوادي حُراض يُقال له سُقام، يضاهون به حرم الكعبة، فأضحى موضعا آمنا لا يُعتدى على أحد فيه، ولا يُقطع شجره، ولا يُقام بعمل يخلّ بحرمته، فكانت قريش تزورها وتهدي لها وتتقرّب عندها بالذبائح، ويقال لمنحرها الغبغب. كانت قريش كلّما خرجت إلى حرب، تحمل معها آلهتها، وأصنامها، لتحميها ولتستمدّ العون منها، وقال أبو سفيان بعد انقشاع غبار معركة بدر: «أعل هبل»، فقال المسلمون: «الله أعلى وأجلّ»، فقال أبو سفيان: «لنا العُزّى ولا عُزّى لكم»، فقال المسلمون: «الله مولانا ولا مولى لكم».
عُبدت العزّى في كثير من القبائل العربية غير قريش، مثل غنى وباهلة وخزاعة وجميع مضر وبنو كنانة وغطفان، وعُبدت كذلك في الحيرة أيّام المناذرة، وكان ملوكها يقدّمون لها القرابين البشرية في بعض الأحيان، فقد ضحّى المنذر الرابع بابن عدوّه الحارث ملك غسّان وكان أسيرا عنده، وعُرفت عبادتها أيضا عند اليمنيين والأنباط والصفاويين. تَسمّى العرب بالعزّى، فقالوا: عبد العزّى، منهم عبد العزّى بن قصي، وعبد العزّى بن عبد مناف، وعبد العزّى بن عبد المطّلب. لم تكن قريش بمكّة ومن أقام بها من العرب يعظّمون شيئا من الأصنام إعظامهم اللات والعزّى ومناة، فأمّا اللات فكانت ثقيف تخصّها دون غيرها بالزيارة والهدية، وكانت قريش تخصّ العزّى كخاصّة ثقيف للات، وكانت الأوس والخزرج تخصّ مناة كخاصّة هؤلاء الآخرين، وكلّهم كان معظّما للعزّى، وكانوا إذا فرغوا من حجّهم وطوافهم بالكعبة لم يحلّوا حتّى يأتوا العزّى فيطوفون بها ويحلّون عندها ويعكفون عندها يوما، وكانت قريش تطوف بالكعبة وتقول: «واللات والعزّى، ومناة الثالثة الأخرى، فإنّهن الغرانيق العلى، وإنّ شفاعتهن لترتجى»، وكانوا يقولون بنات الله جلّ وعزّ، وهن يشفعن إليه، فلما بعث رسوله صلّى الله عليه وسلم، أنزل عليه: «أفرأيتم اللات والعزّى ومناة الثالثة الأخرى، ألكم الذكر وله الأنثى، تلك إذا قسمة ضيزى، إن هي إلّا أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان». (النجم، 19- 23). والأصنام الثلاثة المذكورة في القرآن الكريم إناث عند العرب الجاهلية.