المُلاحظة هي جُهد حسّي وعقلي نقدي يرتبط بالمشاهدة المقصودة والمنظّمة والمخطّطة وبحصر الانتباه، لدراسة ظاهرة طبيعية وتتبّع تطوّرها، أو دراسة مشكلة أو سلوك إنساني فردي أو جماعي، بقصد رصد التغيّرات في موقف معيّن ووقت محدّد وتفسير العلاقة بينها، والتنبؤ بالسلوك وتحليله ثمّ تقييمه، وهي إحدى الأدوات في جمع بيانات البحوث الميدانية التي لا يمكن الحصول عليها عن طريق الدراسات النظرية، أو الاستبيانات أو المقابلات أو الوثائق والسجلاّت والإحصاءات الرسمية والتقارير. وتُعدّ الملاحظة من أقدم الوسائل في جمع البيانات، وقد ارتبطت كثيرا بالعلوم الطبيعية، ثمّ امتدت لتشمل أيضا الدراسات الاجتماعية والإنسانية والإدارية، فهناك العديد من الدراسات التي استعملت الملاحظة في دراسة سلوك الأفراد في المواقف المختلفة وتصرّفات العاملين ومستوى أدائهم تحت ظروف رقابة مختلفة، وردّة فعل المستهلكين حيال منتج معيّن وغيرها من الدراسات.

تتميّز الملاحظة بأنّها، غير متطفّلة unobtrusive فالملاحِظ لا يتدخّل في شؤون الآخرين، وهي زهيدة لا تتطلّب أجهزة خاصّة وتتجاوز حاجز اللغة. ومن عيوبها أنّها قد تستغرق وقتا طويلا لا سيّما في الأبحاث التتبّعية التطوّرية كمراقبة حركية الجماعات، أو نماء وتطوّر ظاهرة سلوكية أو اجتماعية أو اقتصادية، كما أنّها لا تفيد في كثير من المجالات، ولا تُطبّق بشكل أفضل إلاّ في سياقات محدودة حيث تكون المواقف محصورة جدّا وأكثر اكتمالا، فلا يمكن على سبيل المثال تطبيقها لمعرفة سلوك الناس أو رد فعلهم حين يُطلب منهم الوقوف في صفّ للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، فهذه الواقعة لا يمكن ملاحظتها على نطاق واسع في بلد معيّن ووقت محدّد، كما لا تُتاح فرصة للباحث أن يقوم بملاحظة السلوك الجمعي لمجتمع في حالة تُهدِّده كالحريق أو ظهور مرض معدٍ. ويمكن تقسيم الملاحظة من حيث دور الباحث في الظاهرة موضوع الدراسة إلى:

(1)- مُلاحظة بالمُخالطة، حيث يصبح الباحث جزءا من مجتمع الدراسة وينصهر فيه ويشارك أفراده في بيئتهم، وتعطي هذه الطريقة معلومات غزيرة ووافية للباحث، كما أنّ مصداقية المعلومات تكون أكبر لأنّها مأخوذة من الواقع المُعاش وليس من أفواه المبحوثين. ونجد فيها: الملاحظة العلنية، والملاحظة المستترة.

(2)- ملاحظة بالمُزايلة، حيث يصبح الباحث ملاحظا عن بعد، فلا يراه أحد حين يكتب ملاحظاته، ولا يُشارك أفراد مجتمع الدراسة بالدور الذي يقومون به.