معجم المصطلحات الكبير
مَفارة
الحتاكة

ينبوع مائي ساخن ينبثق من الأرض على فترات منتظمة إلى حدّ ما عندما يتجاوز ضغط بخار الماء في العمق عتبة معينة. فهي عين حارّة يخرج منها الماء وبُخار الماء على شكل دفقات متقطّعة ونفثات في الهواء، على فترات وفي حُرورة عالية. بشكل عام، تكون مياه المَفارة محمّلة بالكَنثَب (سيليكا) كا2ك SiO2، وبسَوْخم القُلان (كربونات الصوديوم) والأسْناخ (الكلوريدات) وكَوْبَر البُثان (كبريتات البوتاسيوم)، وكوبر اللغاس (كبريتات المغنيسيوم)، وكَوْبر القُلان (كبريتات الصوديوم)، ومع القليل من ثنائي ذرب السُّخام (ثنائي أوكسيد الكربون)، وكَبَر الهُبان (كبريتيد الهيدروجين). تستجيب دورة المَفارة الانبثاقية لمعادلة بسيطة إلى حد ما. تُسخّن المياه على نحو مفرط في العمق، في شبكة من القنوات الجوفية والأنابيب والتجاويف الناتجة عن النشاط التذويبي للمياه الحَرْماوية. يمكن أن تتجاوز حرورة الماء في بعض المواقع حرورة الغليان «العادية» (100مْ)، لأنها تخضع بشكل خاص لقيود الضغط الذي يمارسه عمود الماء العلوي وانخفاض الضغط الناجم عن شبكة الأنابيب الجوفية. عندما يصل الضغط في الكتلة المائية الشديدة السخونة إلى قيمة تجعل من الممكن موازنة وزن عمود الماء مع فقدان الحمولة، يبدأ الغليان ويطفح قسم من هذه المياه إلى الخارج ويخفّف الضغط عن المياه العميقة التي هي بحرورة تفوق حرورة الغليان، وتتحوّل فجأة إلى بخار يَطْرُدُ الماءَ الذي يعلوها إلى عشرات القاسات أحيانا. تتنوع الدورة الواحدة من الثوران والسكون، ومدة الثوران، والأحجام المائية المعنية، اعتمادا على حالة الشبكة تحت الأرض وحجمها وترابطها، ويحدث ذلك كلّه تحت سيطرة التدرج الحَراضي الموضعي. يمكن أن تصل حرورة المياه على عمق 85 قاسا إلى 210مْ وعلى عمق 2000 قاس إلى 260مْ، وتظلّ هذه المياه الخفيفة والشديدة السخونة في الطور السائل (كما في حالة مفارات يلوستون). ثمّ تمرّ إلى الطور الماهِج بمجرد أن يسمح الضغط بذلك. إنه تفاعل متسلسل حيث يسهم انخفاض الضغط والتبخر في التعبير عن ظاهرة المَفارة السطحية.

إن الانبهار بهذه الميزات النادرة للمفارات ليس بالأمر الجديد، تعود السجلات المكتوبة لحدوثها إلى القرن الثالث عشر الميلادي على الأقل، ولأكثر من قرنين، عمل العلماء على تحسين فهمنا لميفاقها. المَفارات الطبيعية نادرة، يوجد منها اليوم أقل من ألف في جميع أنحاء العالم، ولا يُعرف من أمثلتها الإحاثية سوى عدد قليل جدّا. يقع زُهاء نصف المفارات في حديقة يلوستون الوطنية في الولايات المتحدة. تشمل حقول المفارات الكبيرة الأخرى وادي المفارات في شبه جزيرة كامتشاتكا في روسيا، وإل تاتيو في تشيلي، وجيسير فلات في تي بويا، روتوروا، في نيوزيلندا. في سنة 1846م، صاغ عالم المعادن الفرنسي ألفريد دي كلويزو Alfred Des Cloizeaux، والكيميائي الألماني روبرت فيلهلم بنسن Robert Wilhelm Bunsen، نموذجا أوّليا لشرح بِنْية المفارة ومِيفاق انبثاق مياهها، بناء على القياسات الميدانية للحرورة والكيمياء وأنماط الرِّياد والثورات في جيسير في أيسلندا. منذ ذلك الحين، تقدمت المعرفة العلمية بالمَفارات بشكل كبير، مما يوفّر رؤى قيّمة حول العمليات البركانية، والمَفارات المماثلة على السطح الخارجي الجليدي لهيسان النظام الشمسي، والحدود البيئية للحياة على الأرض (وربما في أي مكان آخر من الكون)، وبدايات الخلق؛ لأن «العِضاوات المنتجة الأولية» عند قاعدة السلسلة الغذائية يمكن أن تستمد طاقتها من اختلال التوازن الكيميائي، الذي يحدث في المفارات أو الينابيع الحارة المغمورة في المحيطات (مَنافس مائية حرارية). وهذه الحياة توصف بأنها تتعلق بالتمثيل الكيميائي في مقابل التمثيل الضوئي، فعدم وصول ضوء الشمس ليس عائقا، في نموّها وتكاثرها.

 

775.jpg 

مَقَدّ رِسْباني يبيّن التركيب الداخلي للمَفارة.

 

على غرار البراكين، تعتبر المفارات حالات عابرة مع فترات من النشاط والسكون. يمكن أن تتغير أنماط ثوران المفارة بعد الزلازل الكبيرة، والتغيرات في المناخ، والتغيرات في هندسة قنواتها وخزاناتها الجوفية. عمليات انفجار المفارات، التي يمكن أن تكون مدفوعة بالتسخين الحَراضي وتشكيل فقاقيع البخار، تشبه أيضا تلك التي تعمل في البراكين. بيّنت الدراسات المتعلّقة بالبِنى المَفارية، وكذلك الملاحظات المستمدّة من صور الهُنُس (الفيديوهات) في قنوات المفارات في كامتشاتكا، أنّ خزّانات الماء لا تقع أسفل فتحات المفارات مباشرة. كما كشف التصوير الحِيزيائي (الجيوفيزيائي) بالمثل أنه على الرغم من أن معظم الفتحات البركانية تقع مباشرة فوق خزانات المهل، فإن العديد من الخزّانات التي تُستفرَغ من مَحاشها المُهلي تعوّض بمحاش آخر من البِنى البركانية الجانبية المرتبطة بها.

الفرق بين النشاط البركاني والمفارات، هو أنّ هذه الأخيرة تعتبر نوعا محدّدا جدّا من الظواهر على سطح الأرض، تتطلّب نظاما بِنيويا خاصّا، فمن أجل أن تتكوّن المَفارة (بدلا من الحَمّات hot spring أو المَطانات mudpot أو العُثان fumarole) يستدعي الأمر أن تكون المفارة مزوّدة بمخرج ضيّق أو مَخْنَق، الذي يكون في العادة بالقرب من السطح، يعمل الماء فوق المخنق عمل الغِطاء، ممّا يُساعد على بقاء الماء المغلي تحت الأرض، وتحت الضغط أيضا. عندما تطفح المفارة، ينزاح الغطاء المائي بدوره وينبثق. نظرا لأنّ ثوران المفارة يستهلك كلّ الحرارة وأو الماء المُتاح في النظام، فإنّ المَفارة تحتاج إلى فترة لتعيد الشحن مرّة أخرى، وعلى ذلك تكون المفارات دورية في انبثاقها وفورانها، على العكس من النشاط البركاني على الأرض فإنّه لا ينطوي على تعبئة للأسوال والأمهجة المشتقّة من الحُجال في كلّ ثورة. وبالتالي فإنّ ثورة بركانية تؤدّي إلى انبثاق صخور كوثبية على سطح الأرض، وعملية أخرى مماثلة لها تنطوي على ذوبان الكتل الجليدية على سطوح هيسان الكواكب، فإنّ العملية الأخيرة تُصنّف على أنّها جَلْكَنة cryovolcanism، أي بركنة جليدية. البركان الكوثبي ليس حَمّة، لأنّ الماء لا يُعتبر مُهلا على الأرض، إلاّ أنّ الماء المنصهر من الجليد على هيسان الكواكب الخارجية، يعتبر مُهلا، لأنّ هذه المواد هي المكوّن الرئيسي لقشرتها الخارجية والتي تُسمّى بالقارور.

تعليق

المفارة، بمعنى موضع الفَوَران، من فار يفور، وهذا كتسمية العرب للصحراء بالمَفازة، من فاز يفوز، تيّمنا بنجاة من يسلكها. ومثلها المطانة بمعنى مفارة الطين. الجمع: مَفارات ومَفاوِر. القارور cryomantle، من القرّ وهو البرد.

مصطلح قريب

لغة كلزية

geyser
لغة فرنسية

geyser
مراجع

  • gdt.oqlf.gouv.qc.ca
  • eos.org/features/why-study-geysers
  • planet-terre.ens-lyon.fr/ressource/hydrovolcanologie.xml

مفارة في يلّوستون في أمريكا. تصوير: Baffledmostly، مصدر الصورة: flickr

ستروكور Strokkur أكثر مَفارة نشاطا في أيسلندا. تصوير: rob pfile. مصدر الصورة: flickr

مفارة في حال السكون، يلّوستون. تصوير: Paul. مصدر الصورة: flickr