معجم المصطلحات الكبير
دِجام
اللغة والأدب

مجموع ألفاظ أو دَواجِم lexèmes لغة من اللغات في وقت معيّن من تاريخها، وهي الوحدات المعجمية التي يتّخذ منها المعجميون مادّةً لبحثهم النظري والتطبيقي على السواء وموضوعا له، وهذه المادّة المعجمية هي أساس كلّ لسان من الألسن البشرية الطبيعية، وهي مجموع الدلائل اللغوية signes التي يرمز كلّ واحد منها إلى شيء أو فكرة أو مفهوم. وهذه المادّة المعجمية، إمّا أن تكون المجموع الكلّي للمفردات أو الوحدات المعجمية والتي من المفترض أن تشترك فيها الجماعة اللغوية نظريا، وتُسمّى حينئذ بالدِّجام الكلّي lexique total، وإمّا أن تكون عبارة عن مفردات تشترك جماعة لغوية معيّنة في استعمالها من دون أن تستوفي الدجام الكلّي وجميعَ استعمالات الأفراد، فيكون وجودها وجودا فعليا لا تقديريا أو محتملا، ويُطلق عليها حينئذ الدِّجام المشترك lexique commun، كالمعجمات التي تسرد الكلمات المرتبطة بمجال من مجالات التخصّص، مثل: دُجُم الحاسوب، والدُّجُم الطبية، ودُجُم التسويق، وما إلى ذلك، أو لغة خاصّة بفئة اجتماعية، مثل: دُجُم الدارجات. هناك دُجُم متخصصة في جرد التعبيرات الاصطلاحية، مثل دجم الاقتباسات، والمختارات من المخزون اللغوي القديم، وكذلك دجم المترادفات. كما تعني كلمة الدِّجام مجموع المفردات التي استعملها مؤلِّف أو شاعر أو أديب، فيُسمّى بالدِّجام الفردي أو الخاصّ، مثل دجام الجاحظ، أو دِجام البشير الإبراهيمي، ويعني أيضا طريقة الكاتب الخاصّة في استعمال الألفاظ أو اختيارها، وتوظيفها، وأدائها، وتركيبها، وأسلوب عرضها، وغير ذلك من الأمور التي تمثّل سماته الشخصية التي يتفرّد بها عن غيره، وكلّ هذا يدخل في مُسمّى «الأسلوب الشخصي» أو «اللهجة الفردية».

تفترض نظرية «الدِّجام الكلّي» أن الشخص الواحد من متكلّمي لغة ما لا يستطيع الإحاطة بكلّ ألفاظ اللغة المشتركة وامتلاكها، إنّما يستعمل جزءا منها فقط، لا سيّما إذا كانت هذه اللغة من اللغات التي سلخت من عمرها زمنا طويلا ومرّت بمراحل عديدة من التطوّر والنمو والتوسّع والتنوّع والثراء والازدهار، فيكون من المستحيل على شخص واحد أن يحيط بكّل ذخيرتها اللغوية، وقد بيّنت بعض الدراسات أن مجموع ما قد يستطيع الفرد الواحد أن يحيط به من لغته لا يزيد عن 10%، مع العلم أنّ المعجم المكتوب هو في ذاته لا يضمّ ألفاظ اللغة كلّها.

كما قد يعني «الدجام الكلّي» تلك القدرة الكامنة في كلّ لغة إنسانية على توليد ما لا حصر له من الألفاظ والعبارات الافتراضية التي يمكن أن تنتج وَفْق القواعد اللغوية الضابطة لتوسّعها، مثال ذلك ما تتوفّر عليه اللغة العربية من جذور احتمالية تصل زُهاء ثمانية عشر بَلْف جذر من الثلاثي إلى الخماسي، في حين لم يتجاوز عدد الجذور المستعملة فعليا في أضخم معجم عربي وهو تاج العروس، ما نسبته 0,06% من هذه الذخيرة اللغوية الهائلة من الجذور. من دون أن ننسى أنّ كلّ جذر من هذه الجذور قابل لتوليد عشرات الألفاظ بواسطة الاشتقاق، وهذا ما يُطلق عليه اسم الكفاءة اللغوية compétence التي تختلف عن الإنجاز اللغوي performance أي ما تحقّق فعليا في الميدان. وفي هذا المجال يمكن اعتبار الدجام الكلّي: «هو تلك الطاقة الهائلة والقدرة الكامنة في اللغة وفي أذهان جميع الأفراد وأدمغتهم، من الوحدات الدالّة والخصائص الدِّجامية (المعجمية) الموجودة بالقوّة من جهة، والقابلة للتحقّق من جهة أخرى» (الودغيري، 2019م). وعلى ذلك يمكن اعتبارالدِّجام الجزئي هو القدر الذي استعمله الفرد أو الجماعة من هذه الكفاءة اللغوية وتحقّق فعليا، ويتحوّل عن طريق التسجيل إلى «معجم» مكتوب.

تعليق

الدِّجام وِزان الكتاب، من الدَّجَمَة والدُّجْمة وهي الكلمة المفردة، يُقال: ما سمعت له دَجَمة ودُجَمة أي كلمة. الدِّجام والدِّجامة، والعِجام والعِجامة، والزِّجام والزِّجامة، كالكتاب والكتابة.

يوجد فرق بين المعجم dictionary والدِّجام lexicon، الذي هو عموما مجموع الألفاظ أو بشكل أدقّ الوحدات الدِّجامية، المتاحة لمتحدث أو مجموعة لغوية أو مجتمع لغوي معيّن، وليس بالضرورة أن يكون مكتوبا أو مرقونا، فقد يكون في أذهان الأفراد أو مجرّد مادّة لغوية أو قدرة كامنة في اللغة، وهو نظام مفتوح وقابل للزيادة على نحو مُتلانٍ. بينما يكون المعجم مدوّنا على الأوراق أو على الحوامل التِّقانية. نجد في الاصطلاح الحاضر استعمال مصطلح معجم للدلالة على الدِّجام، واستعمال مصطلح القاموس للدلالة على المعجم.

من ناحية أخرى، فإن الزِّجام vocabulaire هو جزء من الدِّجام اُستعمل بالفعل من لدن مجموعة لغوية مُعيَّنة، كالمفردات التي تميّز علما من العلوم كعلوم التربية والطيران ومؤسسات المجتمع المختلفة. يقول بيتارد Peytard وجينوفرييه Genouvrier، «يمكننا عّد الكلمات المختلفة وسردها التي استعملها التلميذ في تمرين الكتابة أو التحدّث، والتي توفّر صورة معيّنة عن ثراء مفرداته، في هذا الوقت، ولكن لا يمكننا سوى إعطاء لمحة مجتزأة عن دِجامه» (ليروي Leroy). الزِّجام من الزَّجْمة وهي الكلمة.

يستطيع أي متحدّث أن يلمّ إلماما كاملا بالقواعد النحوية والصرفية التي تميّز لغة من اللغات، ويستوعب في وقت قصير نسبيا نظمها الاشتقاقية والتوليدية، إلاّ أنّه لا يستطيع أن يلمّ بكلّ مفردات اللغة أو بالمجموع الكلّي للمفردات المكوّنة للدِّجام، إنّما يستطيع أن يستعمل قدرا مشتركا فقط من الألفاظ ليتفاهم به مع المجتمع الذي يعيش فيه. لذلك توصف النظم النحوية والصرفية بأنّها نظم مغلقة بينما يعتبر الدِّجام نظاما مفتوحا، فالمرء يعيش حياته كلّها وهو يتعلّم من هذا الدِّجام، حيث تزداد وحداته باطرّاد في كلّ وقت مع تطوّر اللغة. قد تصل مفردات المعجمات إلى ألوف، والمدوّنات المسحية إلى عدّة بُلوف، أمّا ما يمكن توليده عقلا واحتمالا فكبير جدّا.

الدِّجامة lexicology، العلم الذي يدرس الألفاظ والدلائل اللغوية، أي العلم الذي يتّخذ من الدِّجام موضوعا للبحث والدراسة، وينطلق من الوحدة الدِّجامية التي هي أصغر وحدة صوتية دالّة على معنى. بينما تُعنى العِجامة lexicography بالصناعة المعجمية، أي الكتاب المكوَّن من قائمة محدودة ومقفلة من المَداخل المرتّبة في نظام معيّن لها بداية ونهاية. عند بعضهم أنّ المعجم المكتوب يقابل المعجم الذهني. العِجامة التِّقانية electronic lexicography هي إنشاء المسارد أو المعجمات عن طريق العمليات التِّقانية في الحوامل الرقمية غير الورقية. تعني مادّة عجم في اللغة العربية ممّا تعنيه أيضا الوضوح والبيان، وهذه الدلالة نادرة جدّا، وعلى أساسها وُضع مصطلح العِجامة، وقد انفرد بروايتها أبو الحسن اللحياني الذي اُشتُهِر كابن الأعرابي برواية النوادر في الألفاظ والصيغ والمعاني.

مصطلح قريب

لغة كلزية

lexicon
لغة فرنسية

lexique
مراجع

  • القاموسية العربية الحديثة بين تنمية الفصحى وتحديث القاموس والتأريخ للمعجم. عبد العلي الودغيري. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2019م. الدوحة، قطر.