معجم المصطلحات الكبير
كَوْكَب
الحتاكة

جرم متماسك، خال من التفاعلات النووية الحرارية، يدور حول الشمس أو نجم آخر، يمتلك كتلة كافية لتجعل ثقالته تحافظ على توازنه المَهْسَكي (الهيدروستاتيكي)، حيث يأخذ الشكل الكروي تقريبا، ويكون قد كسح كلّ الأجسام التي كانت تشغل مدارَه أو مدارا قريبا منه. يشتمل النظام الشمسي على ثمانية كواكب، تدور جميعا في مَهاسات مُتشامسة héliocentrique في الخالم نفسه، والذي يُسمّى بالبَرَج plan écliptique أو خالِم البرج. وهي تنقسم انقساما واضحا إلى مجموعتين رئيستين: الكواكب التُّرْبية planètes telluriques الشبيهة بالأرض، وتُعرف أيضا بالكواكب الداخلية، وهي بالترتيب بداية من أقربها إلى الشمس: عُطارِد، الزُّهَرة، الأرض، المِرّيخ. ثمّ الكواكب المُهاجية planètes gazeuses، وتُعرف أيضا باسم الكواكب الخارجية، وهي: المشتري، زُحَل، خُشَف uranus، طُمَس neptune.

أهمّ فرق واضح بين المجموعتين هو الحجم، فأكبر كوكب تُرْبي (الأرض) لا يتعدّى ربع قطر أصغر كوكب من الكواكب المُهاجية (طُمَس)، لذلك تُسمّى هذه الكواكب بالعملاقة. الأبعاد الأخرى التي تختلفان فيها اختلافا بيّنا، تشمل كلاّ من: الكثافة، والتكوين، ومعدّل الهَوَسان. يبلغ متوسّط كثافة الكواكب التربية زهاء خمس مرّات كثافة الماء، في حين يبلغ متوسّط كثافة الكواكب المهاجية 1,5 من كثافة الماء، وقد بلغت كثافة زحل 0,7 من كثافة الماء، فلو قدّر له أن يكون على الماء لطفا فوقه. تُعزى هذه الاختلافات غالبا إلى التباين في تكوين هذه الكواكب، حيث تتكوّن الكواكب التربية من الصخور (الكوثبات) والمعادن (الحديد والكُلاف) وتهوس بالقرب من الشمس، بينما تتكون الكواكب المهاجية أساسا من أمهجة خفيفة كالهُبان (الهيدروجين) والهُفات (الهيليوم)، زيادة على مركّبات أخرى متجمّدة، مثل: الزنيخ (الأمونيا) و«الميثان»، تشكل سُكاكا كثيفا حول نُواية صغيرة من الصخور والغبار. وهي تهوس بعيدا عن الشمس. يطلق عليها أحيانا اسم الشَّرَوات أو الكواكب الشَّرَوِية planètes joviennes، أو العِمْلاقات الشروية، نسبة إلى الشَّراة، لأنّها جميعا تشبه المشتري.

يرتبط الانقسام بين الكواكب التُرْبية والكواكب المُهاجية بالبعد عن الشمس. في الواقع، عندما بدأت الشمس في حرق وَقودها النووي، ظهر تدرج في الحُرورة. حيث تشكّلت قرب الشمس العناصر الأكثر تأرُّبا réfractaire، أي القادرة على التكثّف في حُرورات عالية (أقل من 1500مْ)، مثل كُثَف condensats الشُّراق calcium والزُّهاف aluminium، يليها الحديد الفِلزّي وكَوْثبات الحديد واللُّغاس magnésium، ثمّ أضيفت القِلاء éléments alcalins وذرب الحديد عند الحروروات المنخفضة. أدّى ذلك إلى تكوّن الكواكب الكَوْثبية، التي غالبا ما تكون لها نُواية فلزّية في مركزها. العناصر المستطارة، مثل الجليد والزنيخ والهبان والهفات وما إلى ذلك، هاجرت إلى الجهة الخارجية من النظام الشمسي متكثّفة حول نُوايات صغيرة من الصخور والغبار، والتي شكّلت الكواكب المُهاجية. يُطلق على البرزخ الفاصل بين هذين المنطقتين من النظام الشمسي اسم حدّ الجليد limite des glaces، ويقع تقريبا في منتصف المسافة بين المريخ والمشتري.

لفترة طويلة، كان النظام الشمسي يحتوي على تسعة كواكب: أربعة تُربية، وخمسة مُهاجية منها هُجَل pluton. ثمّ أعلن علماء الفلك في مناسبات كثيرة عن اكتشاف كوكب عاشر، وقد ثبت لاحقا خطأ هذا الاعتقاد. في عام 2005م، كان شُرَد Éris -وهو كوكب صغير بحجم هُجل- قد حُدِّد بالقرب من المَطرّة، وهي عبارة عن حلقة تقع أبعد من مجال طُمَس، تتكوّن في الغالب من أجسام صغيرة وكوكب هُجَل. تم تحديد ما يقرب من كوكبين آخرين، هما: تُبَص makémaké، ومُطَل hauméa، في المنطقة نفسها. أثارت هذه النتائج جِدالا حادّا بين علماء الفلك. في عام 2006م، قدّم الاتحاد الفلكي الدولي تعريفا جديدا لمفهوم الكوكب، أدّى ذلك إلى اعتبار: هُجَل، وشُرَد، وتُبَص، ومُطَل، من الكواكب القَزِمة. يعتقد معظم الفلكيين أنّ الكواكب نشأت جميعا في وقت واحد من المواد الأوّلية التي تكوّنت منها الشمس، لأنّها تهوس كلّها في مَهاسات مُتشامسة منتظمة، فأجرام النظام الشمسي تكوّنت من غيوم سديمية هي عبارة عن غبار وأمهجة كثيفة، اشتملت على 80% هُبان، و15% هُفات، ونسبة ضئيلة من كلّ العناصر الثقيلة المعروفة، مثل: الكُثاب، والزهاف، والحديد، والشراق، وهي مكوّنات الموادّ الصخرية الأكثر شيوعا، وتتجاوز حتّى العناصر المألوفة الأخرى، بما في ذلك الكُثار، والسُّخام، والزُّعات. تدلّ الدراسات الفلكية، على أنّ هذه العناصر الأخيرة، التي تكوّنت منها الحياة، قد وُجدت قبل نشوء المجموعة الشمسية بوقت قصير.

في زمن بعيد جدّا قدره زهاء 4,55 جِسان وبسبب غير معروف، ربّما يكون موجة صدمة من ساعور supernova، بدأت غيمة سديمية ضخمة مكوّنة من كُثَف صغيرة صخرية وأمهجة في التقلّص والتكاثف تحت تأثير ثقالتها، وبدأت بالدوران والالتفاف حول نفسها، وتزايدت سرعتها بزيادة كثافتها، وقد أعطاها ذلك شكل القرص المفلطح. في تيّارات تدويمية صغيرة نسبيا نشأت بها نُوايات الكواكب، إلاّ أنّ أغلب المَحاش السديمي قد انجذب نحو المركّز، ليتكوّن منه الأَوْشم (الشمس الأوّلية). بعد تكوّن الأوشم، انخفضت الحرورة فيما بقي من القرص، وسبّب هذا الانخفاض تكاثف الموادّ المتأرّبة إلى حُباب صغير صلب كحباب الرمل في الحجم، مثل الحديد والكُلاف، ثمّ العناصر الأخرى التي تتكوّن منها الصخور. تراكم هذا الحباب بعضه على بعض، فتكوّنت الكُويكبات planétésimal، ثمّ ازداد حجمها في عشرات الأبلاف من السنين لتنشأ الكواكب الأربعة الداخلية، وعندما اُستنزفت هذه الكُثُف أكثر فأكثر، انقشعت الغيوم السديمية حول الكواكب الداخلية، وأعطى ذلك فرصة للشمس كي تسخّن أسطح هذه الكواكب، ونتيجة لذلك ولضعف ثقالتها أيضا لم تستطع الحفاظ على المواد الخفيفة المُستطارة، فكُسِح الهُبان، والهُفات، والزنيخ (الأمونيا) والماء بواسطة الرياح الشمسية. بعد تكوّن الكواكب التربية الأربعة، أدّى الانصهار الناجم عن المُماكنات المشعّة في باطنها إلى غوص العناصر الثقيلة، لا سيّما الحديد والكُلاف، في حين طفت المعادن الخفيفة، المكوّنة من الكوثب. خلال هذه الفترة من التمايز الكيميائي، تمكّنت الأمهجة من الانطلاق من داخل الكواكب. لم يتمكّن عطارد وهو ثاني أصغر كوكب وأكثرها حرارة من الاحتفاظ حتّى بأثقل الأمهجة، بينما تمكّن المريخ من الاحتفاظ بطبقة رقيقة من ثنائي ذَرَب السخام (ثنائي أكسيد الكربون)، وبعض الماء على شكل الجليد. الكواكب المُهاجية تكوّنت هي أيضا في الوقت نفسه، إلاّ أنّه نتيجة للبرودة الشديدة السائدة عليها لبعدها عن الشمس، فإنّ المواد المستطارة المكوّنة لها احتوت على نسبة كبيرة من الجليد المائي، وثنائي ذرب السخام، والزنيخ و«الميثان».

 

583.jpg

 

مِيفاقا تكوّن كواكب النظام الشمسي: (أ) في التراكم المتحاتن، تتكتّل المادّة غير المتمايزة، ثمّ يحدث التمايز لاحقا. (ب) في التراكم المتباوش، يحدث التمايز في بداية التراكم.

 

هناك نوعان من التراكم : التراكم المُتحاتن accrétion homogène والتراكم المتباوش accrétion hétérogène. في سِراد (السيناريو) التراكم المتحاتن، تتجمع المادّة غير المتمايزة معا. ثمّ في وقت لاحق، تتولّد الحرارة العالية نتيجة الاصطدامات وانحلال العناصر المشعة (الثماج، والغُسار، والبُثان)، ويتولّد عن هذا تحرّك المادّة وتمايزها. يفترض في نموذج التراكم المتحاتن، المطبّق على الأرض، أن الكُثَف condensats الأربعة الرئيسة للمادة المكوِّنة للأرض، قد تغيّر موضعها وَفْقا لكثافتها وخصائصها الكيميائية الأخرى. وبالتالي، فإنّ التراكم المتحاتن الذي نشأت منه الأرض أوّل مرّة، قد تبعته عملية تمايز أدّت إلى تكوّن الأجزاء المختلفة لكوكبنا. حيث تأرّض الحديد والكُلاف نحو المركز فتشكّلت منهما النُّواية. ثمّ تغلّفت هذه النُّواية بعد ذلك بِكُثف من اللغاس والحديد (الكوثبات، مثل: الزُّتان olivines والشُّران pyroxènes) فنشأ منها الحُجال manteau. ثمّ تشكلت القشرة الأرضية من خلال عملية تعرف باسم التمايز المُهْلي différenciation magmatique لكوثبات الحُجال. في المقابل، فإنّ التراكم المتباوِش، يحدث فيه التمايز من بداية العملية. حيث يتجمّع الحُباب الصلب، فتنشأ نُواية من الحديد أولا، ثمّ تحيط نفسها بغطاء من الكوثبات الكثيفة، ثم تتلوها الكوثبات الخفيفة. ليس بالضرورة أن يتعارض النموذجان التراكم المتحاتن والتراكم المتباوش مع بعضهما. قد يكون كلاهما قد شارك بدرجات متفاوتة في تكوين كواكب النظام الشمسي.

توجد نظريات عديدة تفسّر نشوء كواكب المجموعة الشمسية، منها نظرية «لابلاس» التي نشرت لأوّل مرّة منذ مئتي عام، فقد كانت مقبولة لفترة من الزمن، ثمّ ثبت أخيرا أن قذف حلقات مُهاجية في الفضاء، لن يمكنها أن تتكثّف لتكوّن كواكبا، بل على العكس من ذلك، فإنّ المهاج سيتسرّب في الفضاء، ثمّ تقدّم «جيمس جينز» وهو فلكي بريطاني بنظرية الجرمدة (المدّ والجزر).  حيث افترض أنّه في الماضي السحيق، منذ عدّة آلاف بَلْف سنة، مرّ بالقرب من الشمس نجم تسبّبت قُوى الجذب الشديدة بينهما في خروج لسان لهب من مادّة الشمس، وهذا اللسان هو الذي تشكّلت منه القطرات الأولى التي تكثّفت وأعطت كواكب النظام الشمسي المعروفة اليوم، بل ذهب إلى القول إنّ النجم اصطدم بشمسنا قبل أن يمرّ مبتعدا في الفضاء، لكنّ هذا الفرض سرعان ما تضعضع وتهافت، ذلك أنّ حرورة الشمس الداخلية رهيبة، إذ تبلغ في مركزها زهاء عشرين بَلْف درجة مئوية، وظلّت هذه الطبقات الداخلية في مكانها بفعل الضغط الشديد المسلّط عليها، ولو قدّر أن انفصل جزء من المادّة الخارجية للشمس، فإنّ الطبقات الداخلية ستتمدّد بسرعة فائقة، وتُقذف المادّة الداخلية بعيدا في الفضاء بسرعة لا يمكن معها لهذه المادّة أن تتكاثف على الإطلاق لتكوّن الكواكب.

نظرية أخرى طرحها «هويل»، أحد علماء الفلك البريطانيين المعاصرين، ترى أنّ كواكب المجموعة الشمسية لم تتكوّن من الشمس نفسها بل من نجم آخر اعتاد مصاحبة الشمس خلال رحلتها في الفضاء ولكنّه انفجر آخر الأمر، ومعروف هذا النوع من الانفجارات النجمية لدى علماء الفلك باسم الساعور أو «سوبر نوفا» ويحدث من آن إلى آخر، لكنّ هذه النظرية لا سبيل إلى البرهنة على صدقها أو نفيها وما تزال فرضا ممكن الحدوث. المعروف اليوم هي تلك النظرية التي تُنسب إلى العالم الألماني «كارك فون فيزساكر» الذي يعتقد أنّ الشمس قد سارت ذات مرّة خلال سحابة كبيرة من المُهاج الخفيف فجمعت حولها غلافا مُهاجيا واسعا أثناء هذه العملية، وبعد خروج الشمس من هذه السحابة تسبّبت قُوى الجاذبية في تكوين تجمّعات من المادّة انتظم جلّها تدريجيا في كرات قليلة من الكواكب، وهذه النظرية كسابقتها لا يوجد دليل على صحّتها أو بطلانها، لكن لا توجد نقاط ضعف واضحة فيها، لا سيّما أنّ السحب المُهاجية منتشرة في الفضاء بما فيه الكفاية.

تعليق

ينصّ تعريف الاتحاد الفلكي الدولي ببساطة، على أن الجرم السماوي الذي يمكن أن يُسمّى كوكبا، هو الذي يجب: بالإضافة إلى الهَوَسان حول الشمس، أن يكون كرويا ولو نسبيا، ولديه كتلة كافية لتجعل منه قوى التماسك forces de cohésion جسما صلبا، وتحافظ على توازنه المَهْسَكي، وأن يَكْسَحَ أي جسم يشغل مدارَه أو مدارا قريبا منه، ويعني هذا، إمّا أن يجعله هاسا (قمرا) من هيسانه، أو يدمّره عن طريق الاصطدام، ولهذا لم يكن هُجل «مُعَضَّلا» بدرجة كافية من حيث الثَّقالة لينظّف مداره من أي جسم صغير آخر، فهو على العكس من ذلك، يسبح في حدود المَطَرّة، وأي جِرم سماوي لا يحترم هذا الشرط سيُعتبر حسب تعريف الاتّحاد الفلكي الدولي كوكبا قَزِما. نظريا، هناك كواكب لا تدور حول أي نجم. تكوّنت أوّل مرّة حول نجم من النجوم، ثمّ تحرّرت من رِباط الثقالة من خلال تفاعلات ثَقالية مختلفة. مثل هذه الكواكب التي تسمى «الكواكب المُنْفَلِتة» planètes flottantes لا تعكس ضوء أي نجم. في 14 نوفمبر 2012م، أعلن معهد «غرينوبل» لعلم الكواكب والريزياء الفلكية عن الاكتشاف المحتمل لكوكب من هذه الفئة يسمى CFBDSIR 2149-040310.

البَرَج أو خالِم البَرَج plane of the ecliptic، هو زاوية الميل التي تدور بها الأرض على محورها حول الشمس، والبرج من البروج هو الظهور والارتفاع، لأنّه مسار الشمس حين ظهورها وارتفاعها في السماء، عندما تكون الأرض هي مركز المشاهدة.

مصطلح قريب

لغة كلزية

planet
لغة فرنسية

planète
مراجع

  • الأرض: مقدّمة للجيولوجيا الطبيعية. تأليف: ادوارد جي. تاربوك، وفريدريك ك. لوتجنز، ترجمة الربيز: عمر سليمان حمودة، الربيز: البهلول علي اليعقوبي، الربيز: مصطفى جمعة سالم. منشورات مجمع الفاتح للجامعات، 1989م. ليبيا.
  • حقائق عن الأرض. باتريك مور، ترجمة: فؤاد عبد العال. وكالة الصحافة العربية، 2020م. القاهرة، مصر.
  • Notions de géologie, Bruno Landry et all. Modulo, 4e éd. 2013. Montréal (Québec), Canada

كواكب النظام الشمسي، وهي على الترتيب وَفقا لقربها من الشمس: (1) عُطارد، (2) الزُّهَرة، (3) الأرض، (4) المرّيخ، (5) المشتري، (6) زُحَل، (7) خُشَف، (8) طُمَس.